تحولت الحفرة التي نجمت عن اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى حفرة في جسد الوطن وجرحاً في ضمير الإنسانية لن تردمها سوى الحقيقة، والحقيقة كاملة التي تحولت شعار السواد الأعظم من الشعب اللبناني والعالم. هذه الحقيقة أصبحت على كل شفة ولسان وأصبحت السوط الذي يقض مضاجع من ارتكبوا هذه الجريمة. نريد الحقيقة لكي نرى الفاعل يُدفن في هذه الحفرة، ولا لأننا نغتبط عندما نرى نار الحقد ونيران الجريمة تأكل الأجساد، فنحن لسنا من يشعل نار جهنم ولسنا من يحاسب على الخطايا. نحن ضحايا العنف وضحايا الحاقدين ونحن من يذرف الدموع على موت العدالة ونشارك بالأسى أهالي الضحايا. وإذا كان الشهيد ورفاقه قد دفنوا في تراب بيروت التي أحبوها، فإن الإصرار على كشف الحقيقة يقول وبصوت عال: لن نسمح بدفن الحقيقة، والحقيقة هي الحق، والحق لا يموت وخلفه مطالب. فكيف إذا كان هذا المُطالب هو وطن وشعب لا بل العالم بهيئاته العالمية ومؤسساته الحقوقية والإنسانية والقانونية؟!
وإذا كانت الحقيقة تخبو في زمان ما ومكان ما فإنها كنور الشمس لابد أن تشرق من خلف الضباب لأنه باستطاعة البعض تضليل بعض الناس بعض الوقت، أو تضليل كل الناس بعض الوقت لكن يستحيل تضليل كل الناس كل الوقت. يبدو أن ساعة الحقيقة قد دقت، ولجنة تقصي الحقائق ولجنة التحقيق الدولية سوف تميط اللثام كاملاً عن الحقيقة كي تنجلي ويثبت القول "ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر". كما يبدو لنا أننا نتجه إلى تشكيل محكمة دولية للبحث عن هذه الحقيقة وعندما تظهر عندها يتحقق صدى صوت جماهير ساحة الحرية في بيروت وشوارعها وشرفاتها الصارخين بصوت واحد "حقيقة. حرية، وحدة وطنية "ويكون حُكماً من حفر حفرة السان جورج أي في مسرح الجريمة قد وقع فيها كائنا من كان.
شوقي أبو عيَّاش-الشوف - لبنان