يوافق يوم 25 مارس "عيد النصيب" وهو الاسم العربي لعيد البوريم، و"بوريم" كلمة عبرية مشـتقة من كلمة "بـور" أو "فـور" الأكادية ومعناها "قرعة" أي "نصيب". وقد سـمَّى العرب هذا العيد "عيد الشجرة" أو "عيد المساخر". وعيد النصيب يُحتفَل به في الرابع عشر من آدار، حسب التقويم اليهودي. وهو في الأصل عيد بابلي، كانت الآلهة البابلية تُقرِّر فيه مصير البشر. ويوم الرابع عشر من آدار هو اليوم الذي أنقذت فيه "إستير" يهود فارس من المؤامرة التي دبرها "هامان" لذبحهم، ولهذا ففي اليوم الذي يسبق العيد يصوم بعض اليهود ما يُسمَّى "صوم (تعنيت) إستير"، إحياءً لذكرى الصوم الذي صامته "إستير" وكل اليهود في شوشانه (مدمنة سوسة الفارسية) قبل ذهابها إلى الملك تستعطفه لإلغاء قرارات "هامان" (حسب الرواية التوراتية). وكان قد تقرَّر بالقرعة (أي بالنصيب) أن يكون يوم إبادة اليهود في الثالث عشر من آدار ـ ومن هنا التسمية. ويحتفل اليهود بهذا العيد بأن يقرأ أحدهم سفر "إستير" من إحدى اللفائف الخمس (أي من مخطوطة خاصة مكتوبة بخط اليد) ليلة العيد وفي يوم العـيد نفسه. ويتحدث السفر عن مؤامرة حاكها "هامان" وزير الملك "أحشويروش" ملك الفرس ضد اليهود، إذ نجح في الحصول على موافقة الملك على التخلص من هذا الشعب الغريب الذي لا يلتزم بقوانين المملكة ولا يتمسك بشرائعها وعاداتها وشعائرها. وقد اكتشف "مردخاي" ابن عم "إستير" المؤامرة، وكانت قد دخلت البلاط فأصبحت خليلة للملك دون أن يعرف أحد هويتها، ونجحت بتأثير فتنتها وجمالها في أن تكسب الملك لصفها. فأعطى إذناً لليهود - كما يقول السفر – "أن يجتمعوا ويقفوا لأجل أنفسهم ويهلكوا ويقتلوا ويقوموا بإبادة قوة كل شعب، حتى الأطفال والنساء، وأن يسلبوا غنيمتهم". وفرح اليهود حتى أن كثيرين من شعوب الأرض تهودوا "لأن رعب اليهود وقع عليهم". وأخذ اليهود في الانتقام يساعدهم في ذلك رؤساء البلدان "فضرب اليهود جميع أعدائهم ضربة سيف وقتل وهلاك، وعملوا بمبغضيهم ما أرادوا. وقتل اليهود... وأهلكوا خمسمائة رجل" و"صلبوا بني هامان العشرة ثم قتلوا بعد ذلك ثلاثمائة رجل" ثم "خمسة وسبعين ألفاً". ثم استراح اليهود وجعلوا اليوم الخامس عشر من الانتقام يوم فرح. ويبدو أن القصة ليست عن أصل عبري وإنما هي أسطورة بابلية قديمة تحكي انتصار الإلهين البابليين مردوخ "مردخاي" وعشتار "إستير" على الإلهين العيلاميين هومان "هامان" وماشتي "وشتي" الملكة. ولم يأتِ ذكر للإله بتاتا في هذا السفر ولا إشارة فيه إلى مكان مقدس ولا إلى أية شعائر دينية (سوى الصوم وعيد النصيب). وحينما يقرأ السفر يتعيَّن على الجمـيع، وضمن ذلك النسـاء والأطفال، أن ينصتوا إلى القارئ. ويصاحب هذا العيد الكثير من الصخب، إذ كان اليهود عند ذكر اسم "هامان"، أثناء قراءة سفر "إستير"، يُحدثون جلبة أو يدقون بالعصي التي في أيديهم وكأنهم يضربون "هامان" وينكلون به. ويتوقف القارئ تماماً عن التلاوة حتى يتلاشى الصوت، ثم يتلو مرة أخرى إلى أن يصل إلى كلمة "هامان" مرة أخرى. ويقوم بعض الجماعات اليهودية في آسيا بشنق دمية تمثل "هامان" أو حرقها. ويقدم اليهود في هذا العيد الهدايا إلى الأصدقاء والمحتاجين، كما أن الأسر تتبادل الطعام. ومن العادات الأخرى، تناول فطيرة خاصة يدعونها "أذن هامان" (أذنى هامان). وكذلك كان أعضاء الجماعات يحتفلون بالعيد بارتداء الأقنعة، كما كانوا يقومون في العالم الغربي بتمثيل مسرحيات عن قصة "إستير" التي مُثِّلت أول مرة في "جيتو" البندقية عام 1531، وهي مسرحيات متأثرة بالكرنفالات الإيطالية والتمثيليات المسيحية التي تُسمَّى التمثيليات الأخلاقية (بالإنجليزية: مورلايتي بلييز) morality plays بل إنه يتم اختيار أحد الدارسين في اليشيفا (الأكاديمية التلمودية) فيقوم بتقليد الأساتذة بطريقة كوميدية كما يحدث دائما في كل دور الدراسة. كما كانوا يسرفون في الشراب حتى أن بعض فقهاء اليهود أفتوا بأنه بوسع اليهودي أن يغرق في الشراب إلى درجة أنه لا يعرف (أثناء قراءة سفر إستير) الفرق بين الدعاء على هامان (أرور هامان، أي اللعنة على هامان) والدعاء لمردخاي (باروخ موردخاي، فلتحل البركة على موردخاي) والعبارتان لهما نفس القيمة الرقمية، ومن هنا هذه الفتوى الطريفة.
ولكل جماعة يهودية عيد النصيب الخاص بها، فهناك "بوريم" مدينة "بادوا" الذي يحتفل به في 11 سيوان والذي يحيي ذكرى نجاة اليهود من حريق ضخم عام 1795. وهناك عيد النصيب الخاص بفلورنسا في 27 سيوان الذي يحيي نجاة اليهود من غوغاء كانت تريد مهاجمتهم عام 1790 من خلال تدخل أسقف المدينة. وهناك عيد النصيب الخاص ببغداد (11 آف) والذي يحتفي بفتح المدينة على يد العرب وهزيمة الفرس الذين كانوا يسيئون معاملة اليهود. وأخيرا هناك عيد النصيب الخاص بـ"هتلر" الذي يحتفل به 2 كيسيليف (11 نوفمبر 1942) في الدار البيضاء. وتقول الموسوعة اليهودية إن الاحتفال كان بسبب عدم سقوط المدينة في يد "هتلر"، ولكن المدينة لم تكن قط مهددة ب