أنهت فصائل المقاومة الفلسطينية اجتماعات مطولة في القاهرة مؤخرا حضرتها جميع فصائل المقاومة (من بينها حركة المقاومة الإسلامية – حماس، وحركة الجهاد الإسلامي) بحضور وقيادة رئيس منظمة التحرير الفلسطينية/ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس "أبو مازن". وقد أعلنت هذه الفصائل التزامها بالتهدئة حتى نهاية العام الحالي شريطة أن "توقف إسرائيل جميع أشكال العدوان ضد أبناء الشعب الفلسطيني وكوادر المقاومة ورموزها وتفرج عن الأسرى في المعتقلات الإسرائيلية". وقال مسؤولون فلسطينيون إن الفصائل الفلسطينية قررت تجنب الرد على الاستفزازات الإسرائيلية خلال فترة التهدئة "لمنح المجتمع الدولي فرصة لممارسة ضغوط على إسرائيل كي تنفذ التزاماتها". وأكدت الفصائل أيضا على ضرورة أن تضع إسرائيل حدا لتوسيع المستعمرات/ "المستوطنات" ولبناء الجدار العازل الذي تقيمه في الأراضي المحتلة. كما تبنى المؤتمر إعلان القاهرة الذي اتفقت فيه الفصائل على تمديد الهدنة القائمة مع التأكيد على "التمسك بالثوابت الفلسطينية ... وحق الشعب الفلسطيني في المقاومة من أجل إنهاء الاحتلال".
وفي خطوة لا تقل أهمية عن قرار التهدئة، اتفقت الفصائل على ضرورة استكمال الإصلاحات الشاملة ودعم العملية الديمقراطية التي بدأت تتجذر في المجتمع الفلسطيني. كذلك، أكد المجتمعون ضرورة عقد الانتخابات المحلية والتشريعية في أوقاتها المحددة. وفي هذا الإطار، ستجري الانتخابات التشريعية في يوليو المقبل التي وافقت حماس على الاشتراك فيها لأول مرة، وهي المشاركة التي قد تحدث تغيرا جوهريا على موازين القوى السياسية الداخلية في الساحة الفلسطينية. هذا، وقد اتفق المجتمعون على إجراء الانتخابات التشريعية على قاعدة التمثيل النسبي لنصف القوائم، في حين تتم انتخابات النصف الآخر على أساس الدوائر. وقال أحد مسؤولي حركة الجهاد الإسلامي: "قرار التهدئة يعتمد على التزام إسرائيل بوقف كل الهجمات". وأكد مسؤول من السلطة الفلسطينية: "توصلنا إلى اتفاق دون تحديد إطار زمني، وأن الفصائل كررت أن الهدنة مشروطة ومرتبطة باستعداد إسرائيل لتنفيذ ما التزمت به". ومن جهتها، أكدت مصادر في حركة حماس: "أن أي اتفاق هدنة لا يشمل بأي شكل من الأشكال تنازلا معلنا عن حق الفلسطينيين في استخدام المقاومة كأداة لمقاومة الاحتلال خاصة إذا خرق الجيش الإسرائيلي هذه الهدنة". وأضاف نفس المصدر من حماس: "إن الاتفاق الفلسطيني على هدنة مشروطة مع إسرائيل سينفض في نهاية عام 2005 ما لم تلبِّ إسرائيل مطالب الفصائل الفلسطينية بما في ذلك الإفراج عن السجناء".
وسط هذه التفاهمات وغيرها، وقعت خلافات أو تداعيات خلافية، علنية أو ضمنية، داخل المؤتمر وخارجه. فمن جهة، أكد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي د. رمضان شلح في تصريح له أثناء مداولات القاهرة: "إن الجميع تحلى أثناء الحوار بالمسؤولية للحصول على وفاق لتحقيق المصلحة العليا الفلسطينية". ومن جهة ثانية، يرى المسؤول في حركة فتح محمد الحوراني أن الاتفاق "لا يعتبر تخليا عن حق المقاومة الثابت مؤكدا أن الاتفاق يحرج شارون ويخلق جوا سياسيا مواتيا لتحقيق تقدم". أما الجبهة الشعبية فقد تحفظت على إعلان التهدئة بسبب استمرار اعتقال أمينها العام أحمد سعدات في مدينة أريحا. وكان سعدات قد طالب بعدم التوقيع على أي اتفاق للتهدئة قبل التوصل لصيغة واضحة حول كيفية إطلاق سراحه ورفاقه من سجون السلطة المحروسة "دوليا". ومن جهته، هدد شارون بوقف الانسحاب من أريحا فيما لو أقدمت السلطة الفلسطينية على إطلاق سراح سعدات ورفاقه كما كان قد صرح بذلك سابقا الرئيس عباس. وبالإضافة إلى التهدئة، اتفقت الفصائل الفلسطينية على تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية وفق أسس يتم التراضي عليها بحيث تضم جميع القوى والفصائل الفلسطينية بما في ذلك حركتا حماس والجهاد كون "المنظمة" هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. وفي هذا الصدد، تم تشكيل لجنة تضم الأمناء العامين للفصائل ورئيس وأعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة وشخصيات مستقلة. كما أجمع المشاركون على أن الحوار هو الوسيلة الوحيدة للتعامل بين كافة القوى دعما للوحدة الوطنية. ويعتبر الاتفاق نصرا للرئيس عباس حيث يعطيه دعما هو في أمسِّ الحاجة إليه لإحراج حكومة شارون ولمطالبة المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للعودة إلى مائدة المفاوضات والالتزام بتنفيذ بنود "خريطة الطريق".
وفي المشهد الإسرائيلي، طفت على السطح وقائع وتطورات معاكسة تهدد حالة التهدئة وتؤرجحها بين هدنة دائمة تفضي إلى تسوية أو استراحة متحاربين في هدنة مؤقتة على درب مواجهة قادمة. فرغم قول شارون إن التفاهمات التي حققها الفلسطينيون "تعتبر خطوة إيجابية" إلا أن إسرائيل، كما قال مسؤولون إسرائيليون، تنتظر من الرئيس عباس "نزع سلاح الفصائل" الفلسطينية. وفي هذا النطاق، قال مسؤول إسرائيلي: "الاختبار الحقيقي هو التحرك الذي تقوم به السلطة الفلسطينية على الأرض. فطالما بقيت هذه المنظمات مسل