تحت عنوان "مع من يقف الغرب؟" نشرت "وجهات نظر" يوم الثلاثاء مقالاً للدكتور محمد عابد الجابري، وضمن تعقيبي على هذا المقال أرى أن الكاتب وضع أصبعه على حقيقة قد يتهرب منها البعض وهي أن الغرب هو الذي أدى إلى تراجع دور مؤسسات المجتمع المدني في البلدان النامية، وأنه يجب ألا ننسى أن العولمة التي يتبناها الغرب تخدم بالأساس مصالح الشركات متعددة الجنسية التي يمتلكها رجال أعمال غربيون ورأس مال غربي. فكرة تعزيز دور المجتمع المدني يجب أن تأتي انعكاساً وترجمة للخصوصيات العربية على الصعيد السياسي والاجتماعي، لأن محاولة استنساخ مجتمع مدني على الطريقة الغربية قد تؤدي في نهاية الأمر إلى ظهور مؤسسات مجتمع مدني هشة يعيش نشطاؤها في أبراج عاجية كونهم بعيدين عن القضايا الحقيقية للشارع العربي.
وإذا كان الكاتب طرح تساؤلاً مؤداه مع من يقف الغرب؟ فإنني أجيب بأن الغرب لا يهمه إلا مصالحه أولاً وأخيراً، وإذا أدرك صُناع القرار في أوروبا وأميركا أن التيارات الإسلامية أو غيرها من القوى الموجودة الآن على الساحة تتأهب للإمساك بزمام الأمور في المنطقة العربية، فإنهم سيكونون سباقين في الاتصال بهذه التيارات كي يضمنوا أن مصالحهم لن تتضرر. ولو كان الغرب جاداً في دعمه لمؤسسات المجتمع المدني العربية أوائل الخمسينيات، لما وصل الأمر به الآن إلى هذه المرحلة التي يطالب فيها الأنظمة العربية بتطبيق خطوات عملية للتحول الديمقراطي والإصلاح السياسي.
منتصر إسماعيل - دبي