"كنتُ بحاجة إلى أن أعرف المزيد عن إسلامـي. لماذا يتعين على الفتيات أن يلتفتن إلى أساسيات مثل الصلاة خمس مرات في اليوم، في عمر أبكر من الأولاد؟. لأن البنات، كما أخبرني السيد خاكي، ينضجن في وقت أسرع. وهن يبلغن (السن الإلزامي) للممارسة في التاسعة بالمقارنة مع سن الثالثة عشرة للأولاد. سألتُ، إذاً، لماذا لا نُكافأ نحن البنات على نضجنا هذا بالسماح لنا بإمامة الصلاة؟ (لا يمكن للبنات أن يَئمن الصلاة)، ماذا تعني: (ليس مسموحا للبنات)؟. لمَ لا؟.. (الله يقول ذلك).. ما هي أسبابه؟.. اقرئي القرآن".
كانت هذه أسئلة طرحتها إرشاد منجي على مدرس الدين وهي في السنوات الأولى من عمرها، وهي تذكر في موضع آخر من كتابها "دعوة إلى الصحوة" أنها أخذت سنوات وهي تقرأ القرآن ولكنها لم تجد الإجابة. إرشاد من عائلة مسلمة ذات أصول هندية هاجرت مع عائلتها في أوائل السبعينيات من أوغندا إلى أميركا الشمالية، حيث حالفها الحظ بأن تعيش في أجواء الحرية التي دفعت بها قدماً لتمتلك شجاعة مناقشة مدرس الدين في كل ما يلقيه على مسامع الطلبة ويلزمهم بدراسته والتسليم به. لاحقاً اعتنقت إرشاد أفكاراً أكثر تحرراً لتجعلها اليوم عند من يماثل تفكير أستاذها مرتدة عن الدين وعند غيره مجرد منحرفة بلهاء على تخوم الإسلام الحمراء، وعند آخرين تظهر إرشاد مثالاً لفتاة اختارت أن تعيش مسلمة رافضة. "وهذا لا يعني أني ارفض أن أكون مسلمة. إنه ببساطة يعني أني أرفض الانضمام إلى جيش من البشر المبرمَجين باسم الله" حسب قولها.
ما كانت تتساءل عنه إرشاد قبل أكثر من عقدين، اقتحمت محاذيره مسلمة أميركية وهي أمينة ودود أستاذة الدراسات الإسلامية بجامعة فرجينيا، التي كانت يوم الجمعة الماضي أول مسلمة في التاريخ تخطب الجمعة وتؤم المصلين، في مدينة نيويورك، وسط احتجاجات وفتاوى مضادة تصمها بالضلال والبدعة وإثارة الفتنة، والمشاركة في مؤامرة كبرى تحاك ضد الإسلام في الغرب وأميركا على وجه الخصوص.
طرحت إرشاد في صغرها سؤالاً طرحت مثله السيدة عائشة رضي الله عنها زوج الرسول صلى الله عليه وسلم قبل ألف وأربعمائة عام، حينما ساءها ما يتناقله الرجال عن تعاليم تنسب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام تخص بطلان الصلاة بمرور المرأة والكلب والحمار بين يدي المصلي، معترضة بما عرفته من ممارسات الرسول عليه الصلاة والسلام في حياته الخاصة داخل بيته، مشيرة إلى أنه ليس أكثر احتقاراً من أن تساوى المرأة بهذين الحيوانين اللذين يرمز أحدهما في الثقافة العربية إلى البلادة والآخر إلى الذلة وغاية التملق. غير أنه من الأمانة الإشارة إلى أن التمييز بين الرجل والمرأة في جملة من أحكام الدين في الحقوق والواجبات، هو قاسم مشترك بين الديانتين الإبراهيميتين الإسلامية واليهودية إلى حد كبير، وإن كان فقهاء الإسلام يؤكدون أن ذلك جاء بصورة أكثر تسامحاً من سابقه حيث وصفت تعاليم الآخر في القرآن بالآصار والأغلال.
ما كان لافتاً للانتباه أن الغالبية العظمى إن لم تكن الوحيدة من المواقف الرافضة والمتشددة لخطوة الشيخة أمينة كان مبعثها رجال دين عرباً مقيمين في أميركا ينعمون بالحرية والحقوق التي حرموها في بلدانهم مهد العروبة والإسلام، ومن آخرين قابعين في بلدانهم العربية خرست ألسنتهم عن انتهاك حقوق الإنسان في بلدانهم، وبؤس شعوب يزكم عفنه الأنوف، واضطهاد للمصلحين، وعنصرية مقيتة تمارس في بيوتهم أنفسهم، مداهنين حكومات وأنظمة يؤمنون في قرارة أنفسهم بأنها لا تتوافق وتصورهم المثالي لدولة الإسلام - رغم رجعيته- مع معرفتهم العميقة أن المخلصين من أسلافهم الذين يحملونهم على أكتافهم اليوم ليواجهوا بهم الحاضر والمستقبل جاعلين منهم تعاويذ تحميهم من كل مستحدث، وجنة يتقون بها رياح التغيير التي تزلزل كراسيهم المضمخة بالبخور والعود الهندي، أن أسلافهم أولئك كانوا ما بين سجين وطريد وقتيل لأنهم أدوا رسالتهم ووقفوا في وجوه الطغاة الذين يحكمون باسم الله.
مشايخنا واتتهم الشجاعة لأن يدسوا أنوفهم العابرة للقارات في فتاوى تمنع مسلمة حديثة عهد في بلد كفرنسا من الحج إلا بمحرم مسلم لا يتوافر لها. إنهم يتقاضون عشرات الألوف من الدولارات رواتب ومنحاً ومخصصات سنوية من المال العام ويسكنون القصور التي تضارع قبابها الكنائس، ولكنهم يحرمون على المرأة أن تلبس عباءة في وسطها زنار لأنها تتشبه بالمسيحيات الكافرات!
وفي الوقت الذي يحرمون فيه على مسلم في أوروبا أن يأخذ قرضاً بنكياً بفائدة ليشتري بيتاً يكون له أماناً في الأيام السود، تجدهم أعضاء في لجان "شرعية" في بنوك ربوية يحرمون التعامل معها، غير مكلفين أنفسهم بالمساهمة من جيوبهم أو بجمع التبرعات لأولئك المعوزين ليمتلكوا أكواخاً تضمهم، بدلاً من الملايين التي يجمعونها لتوفير قفازات وأغطية رأس لإناث كسيرات فتك الجوع والعري بكل ملامح الفتنة التي حباهن الله.
العرب يشكلون 13% فقط من مسلمي العالم؟ ويعني هذا أن 87 في المئة منهم ليسوا عرباً، وما هو محزن أن معظ