هل لا زال هناك من العرب من المحيط إلى الخليج من يبالي أو يكترث بالقمة العربية، عقدت أم لم تعقد؟ اجتمع المندوبون العرب أو وزراء الخارجية أو التقى الزعماء العرب أم لم يلتقوا؟ لا أظن ذلك، فالقمم العربية تحولت إلى مناسبات باهتة، وغير ذات فاعلية، وأحياناً غير ذات صلة بالواقع العربي عموماً، خاصة منذ أن بدأت ترحِّل ملفاتها الخلافية والمهمة في كل قمة إلى القمم القادمة، والتي بدورها تؤجل البت في هذه القضايا المُرحلة من القمم السابقة، وترحِّلها هي بدورها إلى القمم اللاحقة، وهكذا إلى ما لا نهاية. أما البند العتيد الحاضر بقوة، في جميع بيانات القمم العربية السابقة واللاحقة، فهو التالي: "تدارس القادة العرب، باهتمام بالغ، الوضع الحالي للأمانة العامة للجامعة، والصعوبات التي تواجهها. ويؤكدون على ضرورة الالتزام بسداد الحصص والالتزامات المالية المقررة في مواعيدها". والسؤال الآن هو: إذا كان العرب حقاً مقتنعين بجدوى وجود الجامعة العربية، وبأهمية لقاءات القمم الدورية، فلماذا لا يسدد معظمهم الالتزامات المادية المقررة بهذا الشأن؟ قد يقول قائل: لقد تعبنا من ضخ الأموال وإنفاقها على هذه الأجهزة البيروقراطية المتضخمة، التي يلد فيها كل جهاز جهازاً آخر، ما يجعلها في النهاية طاحونة إنفاق نهمة لا تشبع ولا ترتوي وتضيف في كل يوم عبئاً جديدا على ميزانية الجامعة. ولكن هل يكفي هذا المبرر رغم وجاهته، للتهرب من تمويل منظمة يفترض فيها أن تكون الأكثر فاعلية على الساحة العربية، ولابد لها لتحقيق تلك الغاية من غطاء مادي.
النجاح الإعلامي للقمة تحول هو الآخر إلى هـمٍّ يؤرق الدول المستضيفة، ويفرض عليها تقديم تنازلات، قليلة أو كثيرة، لأطراف عربية أخرى، لكي لا يصدر عنها ما يعكر صفو الأمور، وكأن النجاح الإعلامي للقمة هو الغاية التي يلتقي من أجلها القادة، وتنعقد عليها الآمال. كما صار من عادة القمم العربية، أن يبدأ التراشق الإعلامي و"دبلوماسية الملاسنات" في وقت مبكر جدا على انعقادها. وفي قمة الجزائر التي تنعقد غداً الثلاثاء، وقيل إن تكلفة تنظيمها وصلت إلى 30 مليون دولار، سيتعين على من سيحضر من القادة العرب، أن يواجهوا تحديات مصيرية، وملفات شائكة عديدة، تستدعي منهم جهداً استثنائياً وقدراً من التوافق، من المشكوك توافره الآن، وذلك لكي يخرجوا بشيء، يعتد به. فهناك، مبادرة يسعى الأردن لتقديمها، تتعلق بالسلام في المنطقة بما في ذلك التطبيع مع إسرائيل، وما زالت محل خلاف شديد بين الوفود، وإن كان الأمين العام حاول في تصريحات صحفية، ربطها بمبادرة قمة بيروت العربية، ومن غير المؤكد حتى اللحظة رغم كل ما يصدر من تصريحات إن كانت هذه المبادرة ستناقش في قمة الغد بعد تنقيحها أو إدخال تعديلات عليها أم أنها سترحل بدورها إلى قمة قادمة. إضافة إلى ذلك ينتظر أن تستعرض القمة أيضاً القضايا العالقة، والمؤجلة، والمرحَّلة الأخرى، كمسألة الإصلاح في المنطقة، والقضايا العراقية والسودانية والصومالية، والآن اللبنانية والسورية، وكل قمة وأنتم بخير.