من حق البعض، ما دمنا نعيش عصر الديمقراطية، أن يترك قلمه ولسانه يهيمان ويتباريان في اختيار وصف يليق باجتماع الجمعية الوطنية العراقية المنتخبة فيسجل ذلك في سجل اللحظات التاريخية حيث اعتاد المواطن العراقي، ومنذ أمد بعيد أن يقرأ في هذا السجل كل الهزائم والنكسات التي قُيِدت زورا على أنها انتصارات وفتوحات. لقد أُصيب الكثيرون بخيبة أمل عظيمة وامتد الياس إلى أعماقهم وهم يشاهدون تلك المسرحية الهزيلة في مشهدها الأول والذي جاء رتيبا مملاً، يعكس عدم التجانس والانسجام بين فريق العمل، حيث كل يبكي على ليلاه. إن السمة المشتركة التي تجمع أعضاء الجمعية الوطنية العراقية هي أنهم جميعا قادرون على ترديد تلك الجملة التي يبدو أنهم قد حفظوها عن ظهر قلب في أنهم "يريدون عراقا ديمقراطيا فيدراليا اتحاديا..." في الوقت الذي يوجد في تفاصيل هذه الجملة ألف شيطان وشيطان يجعلهم يختلفون في تفسير ذلك.
ليس غريباً أن يلجأ البعض إلى استعراض فطنته الدبلوماسية، وهو يحاول القفز على الحقيقة ويعتبر استمرار الحوار لغرض الوصول إلى تسوية لتشكيل الحكومة ظاهرة صحية تعكس المناخ الديمقراطي الذي يعيشه العراق وشعورا عالياً بالمسؤولية في وقت يتناسى فيه هذا البعض أن الزمن يشكل عاملاً حاسما في العمل لحل جبال من الملفات والتحديات التي تجابه العراق ومستقبله ناهيكم عن أن اجتماع الجمعية الوطنية (البروتوكولي) كشف الستار عن الحقيقة المرة والمتمثلة في أن الاختلافات بين الأطراف الأساسية لهذه الجمعية ليست زوبعة في فنجان أو مسائل هامشية لا بل يصح القول إن ما يجمع هذه الأطراف لا يعدو عن كونه خيطاً رفيعا يمكن أن ينقطع في أية لحظة، ولأي سبب من الأسباب البروتوكولية كأن يكون عدم ترديد القسم باللغة الكردية أو العلم المرفوع على المنصة.
د. وديع بتي حنا-عراقي مقيم في السويد