هل تنجح القمة العربية المقبلة في الجزائر فيما فشلت فيه القمم السابقة؟·· هل تصدر عنها قرارات ولو محدودة تكون قابلة للتنفيذ ولا تجد لها مكانا في أرشيف مئات القرارات التي صدرت وغابت دون أثر أو ذكرى؟·· تساؤلات عديدة لا تختلف عما أثارته القمم العربية السابقة من تساؤلات قبل انعقادها، بل ربما تتطابق معها ليس فقط في منطوقها ودلالاتها، ولكن أيضا في إجاباتها التي تعكس حالة الإحباط التي تسود الشارع العربي من القمم العربية والقرارات العربية والجامعة العربية·
القمة العربية المقبلة تضعنا أمام حقيقة مؤلمة وموجعة وهي أن منظومة العمل العربي تحتاج إلى مراجعة، وأن جامعة الدول العربية شاخت وهرمت ولم يعد يجري في عروقها من بقايا الشباب سوى آثار حلم عربي لم يتحقق عبرها وربما لن يتحقق إن هي بقيت على حالها، ولم تطلها أيدي التغيير والتطوير والتحديث لتصبح أكثر فاعلية وأقدر على استيعاب المتغيرات الدولية·· وهي الحقيقة التي عبر عنها معالي راشد عبد لله وزير الخارجية في حديثه الشامل حول القمة المقبلة عندما أشار في سياقه إلى أن الجامعة العربية بوضعها الحالي لا تستطيع أن تنجز مهامها·· وعندما شخص مواطن الخلل في المنظومة العربية ككل·
قمة الجزائر المقبلة تضعنا أمام حقيقة أن هناك خللا حقيقيا في المنظومة العربية بكاملها، يحتاج إلى إصلاح جذري وليس مجرد حلول ترميمية تبقي الأوضاع على ما هي عليه·· فقد أصبح تاريخ القمم العربية والجامعة العربية مع الفشل والقرارات التي لا تنفذ والوعود التي لا تتحقق حافلا قاتما·· ولا تستطيع الذاكرة العربية أن تنسى ما حدث في قمة شرم الشيخ عندما قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة مبادرة إنقاذ للعراق الشقيق استشرفت فيها حجم المخاطر، التي أكدتها الأحداث وأثبتتها الوقائع فيما بعد، وتجاوزت فيها الشعارات التي لم تعد صالحة للاستهلاك في عالم اليوم·· ولكن القمة العربية والجامعة العربية لم تكونا على مستوى الحدث·· فتجاهلتا مبادرة العقل الهادفة إلى الإنقاذ، لتترك العراق نهبا لأحداث مؤلمة عشنا تفاصيلها جميعا·
فهل تكون القمة المقبلة مختلفة·· وهل تتخلى عن هذا الميراث المؤلم·· وهل تتعامل مع الملفات الشائكة والصعبة التي تنتظرها بموضوعية وعقلانية وإصرار على دور فاعل وقرار مؤثر؟·· هذا ما يتمناه بصدق كل العرب·· ويتمنون معه ألا يكون الفارق بين الأمنيات العربية المشروعة وبين الواقع كبيرا شاسعا·