كان دخول سوريا إلى لبنان مكلفاً وباهظاً على الشعب اللبناني أولاً وعلى الشعب السوري ثانياً وعلى العلاقة بين البلدين الشقيقين ثالثا، لكنه كان مربحاً لبعض السوريين وبعض اللبنانيين على حد سواء. والسؤال هنا ما هي الخسائر وما هي الأرباح؟ أولى الخسائر وأفدحها كانت في الأرواح، حيث اغتيل النائب والزعيم الوطني كمال حنبلاط، وبعده رئيس الوزراء السابق والزعيم الوطني رفيق الحريري. هاتان الخسارتان تميزتا عن غيرهما بأنهما كانتا في اغتيال رجلين من أبرز رجالات لبنان ليس على الصعيد اللبناني، بل وأيضاً على الصعيد العربي والعالمي، ففي الأولى اغتالوا الفكر والعدالة، وفي الثانية اغتالوا العصامية والاقتصاد والإنسان. أما على صعيد الشعبين فإن "حرب الآخرين" في لبنان والتي كان الشعب اللبناني بكل فئاته واقتصاده حطباً لها جعلت لبنان يدفع الثمن في حين أن العلاقة السورية - اللبنانية سارت في اتجاه التعامل مع لبنان كدولة تخضع للعبة الإقليمية، ومن خلال هذه العلاقة تم تقديم مصالح سوريا على حساب العلاقات الوطيدة بين البلدين، وتحول القيمين على هذه العلاقة إلى لاعبين مع كل الفرقاء بدلاً من أن يكونوا الحَكًمَ الذي يوقف اللعبة المدمرة؛ فتحولوا إلى شريك تارة ومراقب تارة أخرى. لذلك على المعارضة اللبنانية والإرادة الدولية ليس فقط محاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتُكبت بحق اللبنانيين، وآخرها جريمة اغتيال رفيق الحريري، وإنما تجميد أموال وممتلكات كل من تبوأ منصباً أو استغل منصبه من أجل الإثراء غير المشروع من لبنانيين وسوريين.
شوقي أبوعياش - الشوف - لبنان