المشكلة والطامة الكبرى في بعض البلاد العربية تكمن في عقل وفكر المواطن العربي، لغياب الوعي ونور الحرية، وسيطرة الجهل والتخلف والمجاملة، وتصديقه للشعارات. وساهمت بعض الحكومات التي سيطرت على شعوب المنطقة وعلى عقول أبنائها في ترسيخ هذه الحالة في العقل العربي، مستغلة غياب الوعي وانتشار الظلم والجهل، وغياب العدالة والمساواة. بعض هذه الحكومات تتعامل مع شعوبها على أنها جزء صغير من ممتلكاتها، لا قيمة لها من دون التبعية للحكومة، وتنتهج سياسات تتمثل في منع الناس من حق إبداء الرأي أو المشاركة، وعدم احترام وتقدير الطاقات والمواهب الوطنية، والتشكيك بوطنية كل من ينادي بالتفكير والثقافة والوعي والإصلاح. واستمر هذا المنهج بسبب وجود من يصفق ويبحث عن المبرر الديني لهكذا سياسات، وهو سلاح استخدم بفن ودهاء لا مثيل لهما إذ لم يستغل دين في تحقيق مصالح بعض الحكومات كما استغل الدين الإسلامي من قبل بعض التيارات التي ترفع شعارات دينية.
فانتشر الفساد الأخلاقي والإداري والمالي، وساد الجهل والتخلف، وأصبح المواطن العربي يركض من أجل كسب لقمة العيش بأية وسيلة وأصبح يفكر بأنانية شديدة، ولم يعد مهتماً بالتغيير والتطوير وتحمل مسؤولية الإصلاح، وفضل القبول بهذا الواقع المظلم، والعيش على هامش الحياة.
ولتغيير هذا الوضع، فإن على المواطن العربي التسلح بالعلم والمعرفة والوعي والفطنة ليتمكن من فرز الحقيقة عن الزيف، والصدق عن الكذب، والأمانة عن الخيانة، والحكم على سياسة الدولة، وأن تكون لديه القدرة على اتخاذ القرار الصحيح في تغيير واقعه وواقع مجتمعه إلى الأفضل من خلال المطالبة بحقوقه وحصوله على الحرية وتطبيق العدالة والمساواة الحقيقية، والإقبال على العلم والثقافة من دون موقف معادٍ مسبق، واحترام آراء وعقائد الآخرين. ومن دون ذلك سيبقى المواطن العربي جاهلاً مهمشاً.
علي آل غراش - الدمام- السعودية