من الواضح أن المنطقة العربية محملة بتراكمات سلبية عديدة جعلت عملية الإصلاح التي تنشدها الشعوب العربية صعبة أو على الأقل متعثرة في أغلب الأحيان. في البداية جاء الاستعمار الذي استغل ثروات المنطقة لصالحه، وقسّم المنطقة سياسياً لصالح توازنات القوى العالمية في القرن العشرين دون أية مراعاة لمصالح الشعوب العربية أو مستقبلها السياسي والاجتماعي. وبعد الاستعمار جاءت إسرائيل "الجسم الغريب" إلى جسد المنطقة العربية ما أدى إلى اندلاع حروب دفع فاتورتها العرب وتضررت خطط التنمية وأصبحت مقاومة الاحتلال الإسرائيلي هي الشغل الشاغل للمنطقة بأسرها شعوباً وحكومات. ولا تزال إسرائيل حتى اللحظة تمارس احتلالها في الجولان ومزارع شبعا والضفة الغربية دون أي اعتبار للقرارات الدولية، ما أوجد حالة من الشك العربي في عدالة النظام الدولي الراهن الذي لا يطبق قراراته إلا على العرب. فكيف يثق هؤلاء الآن في النوايا الأميركية المتعلقة بالإصلاح؟
ومع استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، جاءت الولايات المتحدة بـ"حربها على الإرهاب" وهي حرب كرست واشنطن من خلالها الأحادية والعسكرية ولغة القوة ما جعل المنطقة العربية تدور في دوامة محاربة "الإرهاب"، الذي لا يعرف أحد تعريفه الحقيقي حتى الآن، وذلك على حساب قضايا أخرى مهمة كالتنمية البشرية والتطور التقني ومواجهة تحديات العولمة. كل هذا أدى في النهاية إلى تعثر خطى الإصلاح السياسي والاقتصادي في المنطقة العربية التي ابتلي معظم دولها بالاحتلال الفرنسي أو البريطاني وتعرضت للعدوان الإسرائيلي وهي الآن تكتوي بنار الأحادية الأميركية.
عمر عبدالنعيم - أبوظبي