في الوقت الذي يواصل فيه قادة الأحزاب السياسية فن التوازنات و الخلاف والاختلاف على تشكيل الحكومة العراقية المؤقتة يدفع الشعب العراقي بكافة فئاته وطوائفه دمه ثمنا للأعمال الإرهابية وموجات سيارات الموت العابر في وقت هو أحوج إلى اتفاق كافة الأحزاب على إخراج العراق من المحنة التي يعاني منها حاليا وفي مقدمتها محاربة الإرهاب وقطع دابره، ولم يخف العراقيون تذمرهم من سلوك قادة الأحزاب السياسية التي منحوها ثقتهم في صناديق الاقتراع والتي رفعت شعارات العراق الموحد وتحقيق الأمن والاستقرار للشعب العراقي بكل طوائفه.
انهيار مفاوضات الأكراد والائتلاف الوطني أمس واستمرار التجاذبات والتوازنات بين قادة الأحزاب والاختلاف على الشخص المرشح لرئاسة الحكومة المؤقتة، بعد أكثر من شهرين على إنجاز أول انتخابات في العراق منذ حوالي خمسة عقود، يؤكد على المأزق الذي وصلت إليه الأحزاب السياسية العراقية على طريق تشكيل الحكومة العراقية ''على أساس الصفقات'' وتغليب المصلحة الضيقة على مصلحة الوطن العراقي الكبير ووحدة ترابه، فالمرحلة الصعبة التي يمر بها العراق في الوقت الراهن تستدعي تغليب الصالح العام على المصالح الآنية الضيقة للخروج من المأزق الراهن على الأقل أمام المواطن العراقي الذي منح هذه الأحزاب والقيادات السياسية الثقة في صناديق الاقتراع وراهن على حياته عندما تحدى الإرهاب والإرهابيين وخرج ثمانية ملايين عراقي للإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع وهم يتطلعون إلى مستقبل أكثر تفاؤلا وأكثر أمنا واستقرارا ،والقضاء على الإرهاب الذي يهدد كامل التراب العراقي ويستهدف كل العراقيين دون تمييز بين عرق أو طائفة أو جغرافيا وسيارات الموت العابر تستهدف الإنجازات التي عمدها العراقيون بدمائهم.
العراق الموحد هو الذي يؤمن للعراق والعراقيين الأمن والاستقرار والسلام وقد عبر العراقيون عن هذا الهدف عبر صناديق الاقتراع أملا في انضواء الجميع تحت مظلة التراب العراقي الموحد التي تعطي كل الطوائف العراقية القوة والقدرة على الاستمرار والمضي قدما في بناء المستقبل الذي ينتظره كل أبناء العراق. لعبة التوازنات في الوقت الراهن والاستعجال في جني الثمار في هذا الوقت لن تتيحا للعراق النهوض بل ستؤثران على مسيرته وتزجانه في خلافات لا طائل منها ونأمل أن يكون الاجتماع المرتقب للجمعية الوطنية المنتخبة في السادس عشر من مارس الحالي نقطة فاصلة تضع حدا لهذا الجدل والتوازنات عند صياغة الدستور الدائم للبلاد تمهيدا لإجراء الانتخابات الرئاسية العامة في نهاية العام الحالي وتضع أيضا حدا للفراغ السياسي الحاصل الآن بسبب الخلاف على تشكيل الحكومة المؤقتة.