لا يحتاج المرء إلى كثير من الجهد للتعرف إلى أسباب "جمود" قطاع الشؤون الاجتماعية بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، فالوزارة مشغولة، وبالأحرى شغلت نفسها بأكثر من ملف، فهي تخوض مجابهة مع موظفيها على خلفية تأطير العلاقة بين الوظيفة العامة وممارسة التجارة، وعلى صعيد آخر هناك "محاولات" إصلاح أوضاع سوق العمل، وهي محاولات لم تزل أقرب إلى الخطط منها إلى التنفيذ، وبالتالي فلا غرابة أن تقول بعض التقارير الصحفية عن خطة قطاع الشؤون الاجتماعية لعام 2005 "حبيسة الأدراج" رغم مرور نحو ربع العام تقريبا.
قطاع "الشؤون" في وزارة العمل محصور في شكله الحالي في وظائف تقليدية محددة، وهناك الكثير من القضايا المجتمعية التي يمكن أن يكون له دور فاعل في التعامل معها، أما قطاع العمل بالوزارة فهو مهموم بملف من أهم الملفات، وهو العمالة الوافدة وضبط أوضاع سوق العمل، وما يتصل بذلك من قضايا تبدأ من "تجارة التأشيرات" وتنتهي بتأثير العلاقات العمالية في علاقات الدولة الخارجية، كما أن الوزارة مسؤولة "نظريا" عن ملف التوطين وتشغيل العمالة المواطنة من خلال بوابة هيئة "تنمية". والمفروض أن قطاع "الشؤون" له دور حيوي في الجهود الرامية إلى تحويل الأسر محدودة الدخل إلى أسر منتجة لا تكتفي بتلقي الإعانات والمساعدات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، كما أن القطاع معني أيضا بإعادة النظر في التحولات الاجتماعية والاقتصادية، ورسم سياسة جديدة للإعانات بما يتفق مع هذه التحولات، وأيضا رسم السياسات الاجتماعية في موضوعات وملفات أخرى سواء المتعلقة بموضوع الزواج والعلاقات الأسرية أو قضايا المرأة، وغير ذلك من الملفات المجتمعية التي تتنازعها الأمواج ولا تجد لها جهة اختصاص واضحة تتعامل معها. وفي بعض دول مجلس التعاون، تم فصل قطاع الشؤون الاجتماعية عن وزارة العمل، وفي الإمارات هناك حديث يتداول منذ سنوات عن مشروع قانون لإنشاء هيئة مستقلة للشؤون الاجتماعية، ولكن لم يحدث أي حراك واضح في هذا الاتجاه، بل إن الحديث في هذا الموضوع انتقل إلى "الأدراج" ليصبح حاله كحال خطط تطوير قطاع "الشؤون" بالوزارة.
المهم أن هناك قواسم مشتركة كثيرة، من حيث طبيعة العمل، بين الشؤون الاجتماعية وميادين أخرى مثل الصحة والتأمينات والسكان، لكن من الصعب إيجاد قواسم مماثلة بين وزارة العمل باختصاصاتها الحالية من ناحية وقطاع "الشؤون" من ناحية ثانية. وإذا كان الكثيرون يطالبون بإنشاء مجلس أعلى للسكان، فإن هذه الدعوات تعكس في أحد جوانبها الحاجة إلى جهة تتولى رسم السياسات ووضع الخطط والبرامج والمشروعات وإطلاق المبادرات التي تسهم في تطوير قدرات المجتمع ودراسة المشكلات التي تواجه الأسرة وحلها وتعزيز دور المرأة، وغير ذلك من قضايا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية