لا شكّ أنّ القرار 1559 هو من أكثر ما يزعج "حزب الله" اللبناني على اعتبار أن البند الثاني منه يستهدف تجريده من سلاحه. وفي هذا الإطار أظهر "حزب الله" رفضه لهذا القرار الذي يشكل مشروع فتنة وانقساما داخليا، وجاء هذا الهجوم ليوازن الكلام السوري عن مراعاة واحترام القرار الدولي وذلك في إطار توزيع الأدوار ما بين رسمي وشعبي، فحزب الله لا يمكنه أن يتخلّى عن سوريا نهائياً، خاصّة أنّ الأخيرة كانت قد هيّأت له وطيلة فترة وجودها في لبنان لأن يصبح قوّة فاعلة ويحتكر المقاومة ليصبح أداة ضاغطة وورقة سورية في أي مفاوضات قادمة مع اسرائيل أو لمواجهة أي ضغوطات دوليّة أميركيّة.
ولتفادي مفاعيل القرار 1559 وبالتالي لتفادي المواجهة المرتقبة مع أميركا وأوروبا يطالب الحزب المعارضة اللبنانيّة بالتصريح علنا بأنّه ليس مليشيا وبالتالي فإن تمّ ذلك فهو يعني أنّ القرار لا ينطبق عليه لانّ القرار يتكلّم فقط عن ميليشيا مسلّحة.
المعركة أصبحت بالنسبة لـ"حزب الله" معركة وجود، وتحرّكاته لا بدّ وأن تكون مدروسة ومتوافقة مع المتغيّرات الداخليّة والاقليميّة والدوليّة، وقد عرف دائما أنّ الأحزاب والجماعات الشيعيّة عموما هي أحزاب براغماتيّة تستطيع تكييف أقوالها المتعارضة مع أفعالها وأعمالها بما يخدم مصالحها في النهاية ويحافظ على وجودها. وفي هذا الاطار لا تمانع الولايات المتّحدة التفاوض مع هكذا حركات، ولو سرّا، وهي أكّدت بموازاة ذلك وقبل إعلان الأسد سحب القوات بالحديث عن أنها غير مهتمة بسلاح "حزب الله"، بل إن نائب مساعد وزير خارجيتها "ديفيد ساترفيلد" كان صريحاً خلال وجوده في لبنان نهاية فبراير الماضي أكثر من اللازم في موضوع "حزب الله" حيث قال: إن تجريده من سلاحه "ليس أولوية من أولويات المرحلة بل مسألة لبنانية لا بد أن تطرح يوما على جدول الأعمال اللبناني".
علي حسين باكير-كاتب مقيم في لبنان