لا يخفى على كل متابع للشأن العراقي وما حدث في ذلك البلد بعد احتلاله، أن أكثر الذين استفادوا من سقوط النظام السابق هم الأكراد. فبعدما كانوا يسعون إلى الحصول على حكم ذاتي يسمح لهم بممارسة حقوقهم الثقافية والمدنية على أرض تكون لهم السيطرة فيها عسكرياً وسياسياً أثناء الحقب السابقة، نجدهم الآن، بعد أن قويت شوكتهم، يطالبون بالمزيد من الأرض والسلطة حتى وصل الأمر ببعضهم إلى أن يجاهروا علانية بأنهم لن يدخلوا ضمن الدولة العراقية الموحدة، إلا إذا تحققت رغباتهم المتمثلة في أطماعهم بمدينة كركوك الغنية بالنفط وبعض المناطق الأخرى. وليس مستبعداً أن يطالبوا غداً بحكم العراق بأسره لأن طموحاتهم بدت وكأنها بلا حدود، وذلك على بالرغم من أن الدولة العراقية الجديدة تكاد لا تخلو وزارة أو إدارة فيها من موظف كردي بداية من المناصب العالية مثل نائب رئيس الوزراء ورئيس أركان الجيش العراقي وغيرها، وانتهاء بالموظفين العاديين.
وهذه نصيحة مني أرجو أن تصل إلى كل كردي، بأنه إذا كان الظرف الحالي قد يخدمهم ويحصلون من خلاله على ما ليس من حقهم، فإن الزمن دوار؛ فكم من شعوب وقعت على عهود مذلة بسبب انهزامها في وقت ما، وعادت وانتفضت في وقت آخر بعدما امتلكت القوة، وبالتالي يجب عليهم عدم الانجرار إلى من تسوّل له نفسه بأن هذه الفرصة لن تتكرر أبداً وأن عليهم أن يستغلوها قدر الإمكان ما دام لديهم حلفاء، لأن الزمن أثبت لنا بأنه لا يوجد حليف دائم، وإن كان اليوم لك فربما غداً عليك. وكفى البعض متاجرة بوحدة العراق، ومناً على العراقيين بأنهم بإرادتهم أرادوا البقاء ضمن النسيج العراقي الموحد.
بتار ولد محمد المختار - موريتانيا