كشف صندوق الزواج عن مشروع يقول إنه يستهدف حل أزمته المالية من خلال تقديم المبالغ المالية المخصصة لمنحة الزواج إلى الشباب المواطنين في صورة عينية لا نقدية، بحيث يقوم الصندوق بدفع مستلزمات الزواج نيابة عن المستحقين إلى الفنادق ومستحقات الذهب وشركات الأفراح وغير ذلك. الصندوق يقول إن المشروع أعدته شركة عالمية للوصول إلى حل أمثل للقضاء على أزمة الصندوق المالية، ويجري التنسيق بين عدد من المؤسسات، بينها البنك المركزي ومصارف أخرى تمهيداً لتطبيق المشروع، أي أن المشروع سيرى طريقه إلى النور قريباً، ومع ذلك ليس هناك ما يمنع من طرح التساؤلات.
المشروع في ظاهره ينطوي على فوائد لطرفي المعادلة بحيث يحصل الشباب على احتياجاته بأسعار معقولة، فيما تستفيد ميزانية الصندوق من فارق المغالاة في الأسعار أي أنه يبدو حلا عملياً في شقه الاقتصادي، ولكن والتساؤل الأهم يتعلق بإمكانية إسهام هذا "الحل الأمثل" جدياً في زيادة موارد الصندوق ومساعدته في التغلب على أزمته المالية. صحيح أن هناك عشرات من الحالات التي يعتبرها الصندوق "تحايلا" أو "احتيالا" عليه يحصل بموجبها الشباب على منح زواج ولا يقومون بإتمام مراسم الزواج، مكتفين بعقود زواج صورية، أو تطليق زوجاتهم بعد الحصول على المنحة مباشرة ما يعني أن الهدف كان الحصول على المنحة فقط، ولكن هذا المشروع لا يبدو أنه يتضمن ما يمكن أن يفيد في وقف هذه الظاهرة، على اعتبار أن شراء المستلزمات وحتى "تصوير" العريس في ليلة الزفاف ليس الضامن الأوحد لاستمرار الزواج، بل إن من يريد أن يقوم بهكذا مهمة يحتاج إلى مقدرة فائقة على استشراف النوايا وقراءة الطالع والفنجان حتى يتعرف إلى الهدف الحقيقي من التقدم بطلب الحصول على منحة الزواج، كما لا يتضمن أيضا ما يفيد إمكانية خفض التكلفة، لأن الصندوق قد يتحول بموجب هذا المشروع إلى "مقاول" أفراح يقوم بالتعاقد مع جهات معينة لشراء المستلزمات وذلك يعني بالتبعية تحمل مزيد من أجور الموظفين والإدارات التي ستنشأ للإشراف على التنفيذ والنزول إلى الأسواق لجلب عروض الأسعار والاتفاق مع الفنادق والمحال وغير ذلك!
جميعنا يعرف أن شراء المستلزمات والتعاقد مع جهات حكومية يتم في أحيان كثيرة بمبالغ تفوق ما يمكن أن يحصل عليه الفرد العادي من خلال المساومة التجارية التقليدية، فالمناقصات وعروض الأسعار وأنظمة المشتريات التقليدية ربما لا تجدي سوى في "استنساخ" الأفراح وهدايا الذهب وبقية المستلزمات، وشباب اليوم ربما يقبل بهذا النظام لعدم توافر البديل ولكنه بالتأكيد قد لا يكون سعيدا به، فالذهنيات تبدلت وكان يفترض استقصاء آراء الشباب المتقدمين وعدم فرض الأمر، أو يمكن إتاحة فكرة "الوكالة" في توفير المستلزمات وتقديم المنحة عينياً كبديل وليس كأمر ملزم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية