هناك أمور محزنة ومخزية في عالم السياسة هذه الأيام، وكذلك هناك تساؤلات بكل أسف لها العديد من الإجابات ولكنها غير شافية. فهل مثلاً كان لابد من اغتيال رفيق الحريري حتى يتذكر اللبنانيون فجأة أن سوريا تحتل أراضيهم ويثوروا ويعتصموا ويصمموا على خروج القوات السورية من لبنان؟!
وهل كان من الضروري اغتيال الحريري حتى تتذكر سوريا فجأة اتفاق الطائف أو تتذكر أنها مطيعة للأمم المتحدة رغم أنها منذ عدة شهور استاءت من قرار مجلس الأمن رقم 1559 القاضي بانسحابها من لبنان بل تجاهلته؟ بل والأغرب من ذلك ثار لبنان ورفض تدخل الأمم المتحدة ورفض القرار وطالب ببقاء القوات السورية، أليس هذا عجيباً؟! هل كان لابد من تدخل أميركا وأوروبا وتوجيه بوش إنذاراً لسوريا بالانسحاب وإلا... وسمعنا على الفور رد سوريا الذي يفيد بأن موقفها هو:"نعم وألف نعم لكل ما تطلبون".
وانظروا معي إلى من تزعم وثار وتجبر وأصر على انسحاب سوريا من لبنان، إنها الولايات المتحدة زعيمة ما تسميه "العالم الحر"، وحامية حمى الديمقراطية. إنها تريد الحرية للشعب اللبناني، وهي في الوقت نفسه تحتل دولة بأكملها بجغرافيتها وتاريخها وتراثها ألا وهي العراق، فقط لإزاحة شخص واحد، وقد فعلت، ولكنها لم تنسحب، أليس هذا مضحكاً إلى حد المرارة؟ ومن سخرية السياسة أيضاً أننا لم نسمع حتى الآن من دول الاتحاد الأوروبي أو من روسيا أي كلمة عزاء للشعب العراقي. وفي تقديري أن هؤلاء يحسبون جيداً كيف يرضون الولايات المتحدة، مع خروج عن النص أحياناً، على المسرح العربي من أجل حفنة دولارات. ونحن لا ندري هل نحن ممثلون أم "كومبارس" في هذه المسرحية، أم أننا مجرد متفرجين واقفين خارج المسرح لمجرد الإحساس بأننا ما زلنا على قيد الحياة؟!.
د. مراد راغب حنا - أبوظبي