ذكر الباحثون في الوكالة الوطنية الأميركية للفضاء "ناسا" أنهم اكتشفوا وجود نوع من البكتيريا التي يبدو أنها كانت تستلقي في حالة كمون لفترة لا تقل عن 32.000 عام في بركة متجمدة في منتصف القطب الشمالي المتجمد في ألاسكا. وفي حال أن توثقت هذه المعلومات فإن هذا الاكتشاف قد يعني وجود العديد من الجيوب الأخرى التي كانت تزخر بالحياة في العصور القديمة في طبقات قاعدة البحار وفي داخل الجمد السرمدي (الطبقات المتجلدة باستمرار على أعماق متفاوتة تحت سطح الأرض في المناطق القطبية المتجمدة). ولكن درجة الصلابة والقدرة على المقاومة التي تتميز بها هذه البكتريا تفترض أيضاً أن الحياة يمكن أن تتواجد حتى في كوكب المريخ أي في أماكن مثل البحر المتجمد الذي أشار إليه الباحثون في هذا الأسبوع. إلا أن الأنباء التي حملتها الوكالة الوطنية الأميركية للفضاء "ناسا" مؤخراً قوبلت بترحيب اقترن ببعض التحفظات من قبل العلماء الآخرين نسبة إلى أن الادعاءات السابقة بإعادة إحياء وإنعاش البكتيريا في العصور القديمة ما زالت لم تثبت صحتها بعد.
وهذه البكتيريا الجديدة من أنواع غريبة تم استردادها من بركة متجمدة توجد على جانب قناة فوكس وهي عبارة عن ثقب يمتد إلى الطبقة الثلجية للعصر البلستوسيني الأكثر حداثة كان قد حفرها معهد بحوث المناطق الباردة ومختبرات الهندسة في الجيش الأميركي. وقد ذكر الدكتور ريتشارد. بي. هوفر أحد علماء الأحياء في مركز مارشال لرحلات الفضاء في الوكالة الوطنية الأميركية للفضاء "ناسا" أنه بينما كان في زيارة إلى هذه القناة المتجمدة لاحظ وجود رقعة لا لون لها في الطبقة التي تجمدت منذ 32.000 عام بواسطة البيانات الكربونية الإشعاعية. وبعد أن أخذ معه نماذج من هذه الرقعة وعاد بها إلى مختبره لاحظ الدكتور هوفر وزميلته الدكتورة إيلينا. بيكوتا أن البكتيريا بدأت تتحرك بمجرد أن ذابت عنها الثلوج. وكانت هذه البكتيريا أشبه بمجموعة من الميكروبات التي تدعى "كارنو باكتيريا" التي بإمكانها أن تتحمل البرودة وتم عزلها في كثير من الأحيان من الأغذية المتجمدة· ولكن الباحثين في وكالة "ناسا" افترضوا أن هذه الميكروبات تنتمي إلى أنواع جديدة أطلقوا عليها اسم "الكارنو بكتيريا البلستوسينية" Carnobacterium Pleistoceniume نسبة إلى عصرها الجليدي. وهذه البكتيريا غير سامة كما يشير الدكتور هوفر على الرغم من أن أنواعاً قريبة منها تسببت في حدوث أمراض للأسماك. وقد نشر الباحثون اكتشافاتهم هذه في النشرة الدولية التي تحمل اسم "جورنال أوف سيستيماتيك آند ايفوليوشناري مايكروبيولوجي".
وكان الدكتور هوفر قد أشار في عام 2000 إلى أنهم تمكنوا من إعادة إحياء نوع من البكتيريا يعود عمرها إلى 250 مليون عام مضى بعد أن تم استردادها من سوائل كانت محتبسة داخل الصخور في ولاية بنسلفانيا، ولكن هذا الادعاء قوبل بالعديد من الشكوك من قبل العلماء الآخرين. وأحد أسباب هذه الشكوك أن الحمض النووي الذي يكشف المعلومات الجينية لم يكن مستقراً بالكامل في حالته الكيميائية كما أنه يعمد إلى التراجع والتحلل بمعدل كبير، بحيث إن كل خلية في الجسم تفقد حوالي 5000 وحدة من وحدات الحمض النووي في كل يوم. وأثناء فترة حياة الكائن الحي فإن هذه المعلومات المفقودة ربما تم تخزين معظمها في مجموعة من أنزيمات إصلاح الحمض النووي. ولكن وبمجرد أن تتوقف مجموعة العمليات المتصلة ببناء البروتوبلازما يتوقف معها نظام الإصلاح مما يؤدي إلى نقص حاد في المدى الذي يمكن أن يعيش فيه الكائن الحي الساكن. وكما يقول الدكتور هوفر فإن بعض أنواع البكتيريا يمكنها أن تشكل بعض الجراثيم الأكثر تطوراً بحيث يمكنها البقاء حية لبضع مئات من السنوات. ولكن البكتيريا التي وجدت في قناة "فوكس" لم تتشكل في وضع جرثومي كما يشير الدكتور هوفر.
ومن جانبه فقد ذكر الدكتور إيسكي ويلرسليف الخبير في أنواع بكتيريا الجمد السرمدي في جامعة أكسفورد في إنجلترا أن اكتشاف الباحثين في الوكالة الوطنية الأميركية للفضاء "ناسا" يعتبر "بالتأكيد أمراً مثيراً للاهتمام فقط إذا تم إصلاح الأخطاء المضمنة فيه". وقد أشار أيضاً إلى إمكانية أن تعمد بكتيريا قناة "فوكس" على الرغم من تجمدها إلى أن تظل تشهد تغيرات كيميائية في الخلايا الحية التي تؤمن لها الطاقة الضرورية للعمليات والنشاطات الحيوية ولكن بشكل بطيء إلا أنه يكفي للحفاظ على عمل أطقم أنظمة الإصلاح في الحمض النووي. وإذا كان الأمر كذلك فإن الحمض النووي لهذه البكتيريا يمكنه الحفاظ على تكامله لفترة تتمكن فيها الخلايا من التخلص من المواد الغذائية المتوفرة داخلياً. ويشير كل من الدكتور ويلرسليف والدكتور آلان كوبر الأستاذ في علم الجزيئيات البايولوجية في جامعة أكسفورد إلى أنه يتشكك بما إذا كان الباحثون في الوكالة الوطنية للفضاء "ناسا" قد تحققوا من عدم وجود جميع المصادر الممكنة لإحداث التلوث في البكتيريا المعاصرة، إذ يقول الدكتور ويلرسليف: "لديّ شكوك كبيرة حيال هذه الادعاءات ل