أصبح التوطين في قطاع التأمين بحاجة ماسة إلى شركة تأمين خاصة لتوفير الضمانات اللازمة لأداء واجبه والحفاظ على مصالح المواطنين فيه، فمسار التوطين لديه في نزول والنسب المئوية التي فرضتها الدولة لحجز مقاعد وظيفية للمواطنين لم تؤت أكلها ولا مفعولها مقارنة بالقطاعات الأخرى.
فوزير العمل بصفته رئيساً لمجلس أمناء هيئة "تنمية" لم تمض عليه أسابيع من إصداره لقرار إلزامية تطبيق نسبة 5% لصالح التوطين في قطاع التأمين، وهيئة "تنمية" أعلنت عن نتائج دراستها الميدانية لهذا القطاع لكشف الصورة الحقيقية والتحديات التي تواجه هذا القطاع في عدم الالتزام بقرار الحكومة لما فيه مصلحة المواطن في الحصول على الوظيفة المناسبة.
إننا أمام تحدٍ من نوع آخر ألا وهو التراخي والتلكؤ واستخدام أسلوب التسويف لسنوات من أجل التهرب مما هو في حكم الواقع بالنسبة لقرارات الحكومة لنسب التوطين في بعض القطاعات. فهذا النوع من التعامل مع القرارات الخاصة لصالح تحقيق الاستراتيجية العامة للتوطين بالدولة لا ينصب في المصلحة العامة للمجتمع، بل إن عملية التدرج التي كانت من أساسيات العمل وفق هذا المبدأ لن تكون لها أي فائدة تذكر، لأن قطاع التأمين مطلوب منه اليوم الالتزام بالنسب السنوية المتراكمة عليه على شكل ديون خاصة يجب سدادها لصالح توطين الوظائف في قطاعه. وإذا استمر الحال على ما هو عليه فإن الانتقال إلى مرحلة الديون المعدومة لا يجديه شيئاً ما دامت القرارات تلاحقه والتطبيق هو الهدف الذي لن تتراجع الحكومة عنه.
فهذا القطاع الحيوي لم يفِ بالتزاماته تجاه توطين الوظائف لديه وهو القطاع الذي يقع تحت طائلة الحصص الوظيفية المحددة بنسبة 5%، إلا أن ما توصلت إليه دراسة هيئة "تنمية" وتوظيف الموارد البشرية الوطنية يكشف عن واقع مختلف تماماً. فهذا القطاع يعاني من واقع يشير إلى غلبة جنسية أجنبية واحدة، وعدم وجود سياسات توطين واضحة ومحددة المعالم، كذلك عدم وجود وحدة موارد بشرية مستقلة وضابط توطين. فلو اقتبسنا ملخص الأرقام الدالة على تناقص المواطنين في هذا القطاع منذ صدور قرار تحديد الحصص الوظيفية له، نجد أنه بنهاية عام 2004 بلغ مجموع العاملين في القطاع 3400 تقريباً، وبلغت نسبة التوطين 5.3% فقط، مقارنة بنسبة 25.5% في قطاع البنوك والمصارف لذات العام.
وهذا يعني أن العجز عن تحقيق أهداف التوطين بنهاية عام 2005 سيصل إلى 500 باحث عن عمل وذلك بسبب تراكم النسب على عاتقه الذي يجب عليه تحمل نسبة 51% من 3400 عامل، ونصيب المواطن منهم 510 وظائف، حوالي 80 من هؤلاء يفترض توظيفهم في مناصب مديرين والآخرين في الوظائف الأخرى، مع إضافة النسبة المئوية وهي 5% للتوطين. بمعنى أن عجلة التوطين لدى هذا القطاع ينبغي أن تمضي بمعدل أسرع من القطاعات الأخرى حتى لا تصل نقطة الحركة إلى الخلف بدل التقدم إلى الأمام بتحقيق نسب للتوطين تفوق ما تطالب به الحكومة كما هو الحال لدى بعض المصارف.
فالمطلوب من أصحاب الأعمال في هذا القطاع الحيوي المبادرة في تلافي هذه النواقص واستكمال الحصص الوظيفية التي تخص شركاتهم قبل أن يندرج أمرها تحت طائلة العقوبات التي هي في غنى عنها.
فهيئة "تنمية" هي الجهة المعنية بتقييم ومتابعة توظيف المواطنين في هذا القطاع وغيره، من ثم رفع التوصيات والمقترحات اللازمة للحكومة لدعم استراتيجية التوطين بالدولة.
ترى هل نجد شركة تأمين واحدة تتبرع لوضع التوطين في سلم أولويات المواد التجارية التي لابد أن تمر في طريق التأمين قبل وصولها إلى أصحابها؟!.