تبدأ يوم السبت القادم في دبي، فعاليات المنتدى الدولي السابع حول اللقاحات الطبية، تحت شعار "التحصين ضد الأمراض والعلاج المناعي". ويتوقع أن يشارك في هذا المنتدى نخبة من العلماء المتخصصين في مجال التطعيمات الطبية والعلاج المناعي من مختلف دول العالم، بالإضافة إلى ممثلين عن منظمة الصحة العالمية والمكتب التنفيذي لدول مجلس التعاون الخليجي، وغيرهم من المنظمات والهيئات الدولية. ويهدف المشاركون في المنتدى إلى تبادل المعلومات حول أحدث ما توصلت إليه البحوث والدراسات في مجال تطوير لقاحات جديدة أكثر فعالية وأكثر أمناً، وفي مجال العلاج المناعي ضد بعض الأمراض المزمنة مثل السكري والسرطان. ويأتي هذا المنتدى بعد أيام قليلة من نشر دراسة مثيرة في الدورية الطبية المرموقة (Annals of Internal Medicine) في عددها الصادر الأول من الشهر الجاري، تفيد بأن التطعيم ضد التهاب الكبد الفيروسي (ب)، يمنح متلقيه فترة أطول من المناعة إذا ما تم تعاطيه بعد سن الخامسة، بينما ينقص طول هذه الفترة من المناعة إذا ما تم التطعيم به قبل سن الأربع سنوات. وتوصلت الدراسة أيضاً إلى أن التطعيم ضد التهاب الكبد (ب)، يمنح متعاطيه فترة مناعة تصل إلى خمسة عشر عاماً، وليس عشرة أعوام كما كان معتقداً سابقاً. هذا الخبر قد يؤدي إلى تغيير جذري في الممارسات الطبية الخاصة ببرامج التطعيم ضد التهاب الكبد (ب)، والواسعة الاستخدام حالياً في الكثير من دول العالم. فبدلا من أن يعطى التطعيم للأطفال في سن مبكرة، ربما يصبح من الأفضل الانتظار حتى تخطيهم سن الخامسة. وبما أن التطعيم يتمتع بفترة فعالية طويلة، فربما يصبح من الأفضل التقليل من استخدام الجرعات المنشطة في فترات العمر اللاحقة.
وبوجه عام تتعدد وتتنوع أسباب التهاب الكبد. فمثلا في الدول الغربية، يؤدي انتشار الإفراط في تناول الكحوليات إلى إصابة أعداد كبيرة من مواطني تلك الدول بالتهاب وتليُّف الكبد. وأحياناً أيضاً ما تؤدي العقاقير الطبية إلى التهاب الكبد، مثل حبوب منع الحمل، أو بعض الأدوية المحتوية على مادة الايبي- بروفين (Ibuprofen) المستخدم كمسكن للآلام وكعلاج للصداع. وحتى العقاقير التي تتميز بدرجة عالية من الأمان، مثل تلك المحتوية على مادة الباراسيتامول (Paracetamol) وشائعة الاستخدام أيضاً كمسكن للآلام وكعلاج للحمى والصداع، يمكنها في حال الجرعات العالية أن تسبب التهاب الكبد وفشله التام. وتتنوع الأسباب الأخرى التي يمكن أن تؤدي إلى التهاب الكبد، مثل بعض الأمراض الأيضية وأمراض المناعة الذاتية وانسداد قنوات المرارة، وغيرها من الأسباب. وإن كانت معظم حالات التهاب الكبد تنتج من العدوى بالفيروسات، مثل فيروسات (A, B, C, D, E, G).
أول تلك الأنواع، فيروس (أ)، ينتقل عن طريق الغذاء الملوث ببراز المرضى، وينتج عنه التهاب حاد في الكبد، وإن كان لا يؤدي إلى التهاب مزمن. وينجح جهاز المناعة في الجسم في تكوين أجسام مضادة ضد فيروس (أ)، تعيق التعرض للعدوى في المستقبل. ويتوفر حالياً تطعيم يقي من الإصابة بهذا الفيروس. أما الفيروس الثاني، أو فيروس (ب)، فيتسبب في التهاب حاد، وأحياناً أيضاً في التهاب مزمن لدى بعض المرضى الذين لا تستطيع أجسامهم التخلص من الفيروس نهائياً. ففي الولايات المتحدة مثلا، ينجح 95 في المئة من المرضى في التخلص من الفيروس تماماً، بينما يفشل 5 في المئة من المرضى في ذلك، ليبقى المرض في أجسادهم في شكله المزمن. وغالباً ما ينتج عن التهاب الكبد (ب) المزمن الكثير من المضاعفات الخطيرة، وهي المضاعفات التي يقدر أنها تتسبب في وفاة أكثر من مليون شخص سنوياً حول العالم. وفي الدول التي يستوطن بها هذا المرض – مثل دول جنوب شرق آسيا- يعتبر التهاب الكبد (ب) من أكثر الأمراض فتكاً على الإطلاق. وينتج هذا العدد الهائل من الوفيات، إما من تليُّف الكبد وفشله، أو من جراء تحول الخلايا الكبدية إلى خلايا سرطانية تنتشر في بقية أنحاء الجسد. وتتم العدوى بفيروس (ب) بطرق شتى، مثل نقل الدم الطبي (نادر حاليا)، والوشم، وعن طريق الاتصال الجنسي، ومن الأم إلى جنينها. وأحياناً ما تنتقل العدوى عن طريق الاتصال بدم الشخص المريض، كما يحدث بين مدمني المخدرات. وهو ما دفع الكثير من الحكومات في الدول التي ينتشر فيها استخدام المخدرات، إلى توفير حقن للمدمنين مجاناً كإجراء وقائي لوقف انتشار الفيروس بينهم. وينتقل الفيروس أيضاً عن طريق أدوات وأمواس الحلاقة لدى الصالونات. وأعتقد أن بعض الدول تنظم بشكل قانوني كيفية قيام الحلاقين بتنظيف أدواتهم وتعقيمها، وإن كنت شخصياً أنصح دائماً بعدم مشاركة أدوات الحلاقة الخاصة بالمرة.
النوع الثالث من التهابات الكبد فيروسي المنشأ، وهو الناتج عن فيروس (سي). وينتقل هذا الفيروس عن طريق الدم مثله مثل فيروس (ب)، وإن كان البعض يرجح أيضاً انتقاله عن طريق الاتصال الجنسي، وهو أمر محل شك من قبل الكثيرين. وتؤدي الإصابة بفيروس (سي) إلى التهاب الكبد في صورة مزمنة، لينتهي ال