هل كان هناك من سيعرف محمد العبار لولا الإعلام والصحافة؟
هل كانت مشاريع إعمار ستلاقي كل هذا النجاح لولا إلحاحها في الظهور والإعلان عن ذاتها في الصحافة والإعلام؟. .
هل تعمّد العبار في مقابلته التلفزيونية استفزاز الصحفيين لتكون الحرب سجالاً، ويكون هو بطلاً جديداً في ساحة الورق لكن بشكل مختلف هذه المرة؟.. ما لم يعلمه العبار.. أن أسرار زيارته كانت معلنة في الشبكة العالمية للإنترنت، أي على شاشات الحاسب الآلي، قبل أن تتلقفها الصحف وساحاتها!
ماذا كان سيقول عن هذه الحقيقة.. هل سيتهم الشبكة العالمية للإنترنت بأنها متآمرة وضد النجاح هي الأخرى، وأنه أيضاً لا يهتم بأشكال "الباباراتزي" الذين لا همّ لهم سوى ملاحقة الفضائح ليكون المردود المالي بعدها مجزياً ويسيل له لعاب الذين كتبوا عن زيارته التاريخية، ولا يهم بعدها إن كانوا ينتمون لصحف مؤسسية تحترم رسالتها أو صفحات إليكرونية لن تستفيد من تلفيق التهم لأن الأمر لا يعنيها من بعيد أو قريب إن كان العبار كما ادعى، قد ذهب لفعل خير سري مدعوم من عدد من الأشخاص الذين بحثوا عن إنسان ثقة فلم يكن إلا هو!.
والأهم أن شخصاً في حجم العبار، لم يكن يليق به أبداً أن يدعي جهله بلجنة مناهضة التطبيع.. لأنها أولاً لجان معلنة ومعروفة ومدعومة حكومياً، وتعمل في وضوح وإشهار، وكل القائمين عليها يعملون بها تطوعياً، الأمر الذي يعني احترامهم والحديث عنهم بتقدير، لأن العمل التطوعي مقدر أياً كان مستواه ومجاله، وإذا كان فعلاً يجهل وجودهم فهذه طامة أخرى تعكس إلى أي مدى كونه الشخص المشغول بالهمّ العربي العام، وبقضية الأمة الأولى والتي لا يمكن تجاهلها أو كيل التهم لأي أحد بأنه يزايد عليها ليتكسب من ورائها.
فالفعل الخيري الذي تعمل تحت مظلته جمعية كجمعية الهلال الأحمر، اختصر كل ما يمكن أن يقدم لشعب أعزل ويقاوم المحتل بحجر لا يعرف سواه، فالهلال الأحمر الإماراتي له حضوره المكثف هناك، والذي يدركه الفلسطيني ويقدره خير تقدير، لأن حضوره دائم في كل شدة يواجهها البشر هناك.
هؤلاء العاملون في صمت، الذاهبون نحو مواقع النار والبارود، لم يستعرضوا عملهم المخلص ولم يقللوا من شأن أحد، ولم يجاهروا بمعصية مصافحة القتلة، ولم يكن لهم أي شيء أكثر من شرف القيام بعملهم المقدس والصامت والذي أنجز الكثير ويعمل على أن ينجز الأكثر.
طرق الخير واضحة المعالم محددة الاتجاهات.. والصحافة الإماراتية تحتضن قيماً وثوابت لا يمكن أبداً المساومة عليها، وتفتخر بأنها قادرة على طرح الصدق مهما كانت تبعاته.
والمستوطنات لم تكن أبداً فرصة استثمارية بقدر ما هي فرصة انعزالية ورفض لأشخاص يذهبون لاقتناصها بشكل منفرد، لأن أحداً لا يتحرك بمعزل عن جنسيته وجواز سفره.
ليكن الخير الذي ينشده العبار بعيداً عن صورة الدولة التي سبقت الفلسطينيين أنفسهم في مد يد العون للقضية العادلة ولوطن عزيز يقطنه أهلنا هناك، وليكن الصمت شعاراً لأعمال لا يمكن أبداً الاختلاف على أصلها ونتائجها.
وأزعم أن وقتاً وحبراً وورقاً ذهب لقضية لا تستحق كل هذا، وما الأمر إلا تبيان وإيضاح وكفى.