مع كل دورة من دورات ريشات الـ 136 مروحة هوائية الضخمة التي تدور في المقاطعة الواقعة في ولاية نيو مكسيكو، تحل هبات الرياح الصحراوية العنيفة، محل طاقة الغاز الطبيعي وغيرها من أنواع الطاقة الأخرى، باهظة التكلفة التي يتم حرقها وإنتاجها في محطة ما من محطات الطاقة. ومع أن طاقة الرياح بدأت تشكل جزءا من الطاقة الكهربائية، إلا أن ارتفاع تكلفة الغاز الطبيعي مؤخراً، جعل من الرياح وسيلة للمساومة لا بد منها. ففي بعض الأحيان ربما يكون أقل تكلفة، أن يبني المرء محطة لتوليد طاقة الرياح، متخلياً بذلك عن مولدات طاقة الغاز الطبيعي القائمة أصلاً. وإذا ما واصل معدل أسعار طاقة الغاز الطبيعي ارتفاعه الحالي، فليس مستبعداً أن يجرى تعميم تجربة "مركز نيومكسيكو لإنتاج طاقة الرياح" الحالية، على امتداد الولاية كلها، فتحل بذلك تماماً محل الغاز الطبيعي.
جرى افتتاح المركز رسمياً في صيف عام 2003، ويعد من أكبر مراكز إنتاج طاقة الرياح في البلاد. أما الجهة المشترية للطاقة المنتجة في هذه المحطة، فهي الأكبر على الإطلاق في الولاية "شركة الخدمات العامة لولاية نيومكسيكو". وتوفر الطاقة المنتجة بواسطة الرياح، حوالي نسبة 4 في المئة من إجمالي الطاقة التي توزعها الشركة سنوياً. وفي شهر مارس، حيث يقل الطلب عادة وتزداد قوة الرياح، فإن هذا المشروع يتمكن من إنتاج 10 في المئة من إجمالي الطاقة التي يقوم المركز بتوزيعها على العملاء. يذكر أن ولاية نيومكسيكو قد حددت هدفاً مستقبلياً لها، فيما يتعلق بمشروعات الطاقة القابلة للتجدد، بحيث تنتج 10 في المئة من هذه الطاقة، بحلول العام 2011. تأكيداً على جدية المضي قدماً في هذا الاتجاه، ومدى جدوى إنتاج الطاقة البديلة هذه، قال بيل رتشاردسون حاكم الولاية ووزير الطاقة الأميركي سابقاً، إن في إمكان ولاية نيومكسيكو، أن تصبح "سعودية" الولايات المتحدة الأميركية في إنتاج الطاقة البديلة.
والأمر لا يتوقف على ولاية نيومكسيكو وحدها. فعلى امتداد البلاد بأسرها، أثر ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي، على القرارات الشرائية للشركات العاملة في مجال إمداد وتوزيع الطاقة. ذلك هو ما قاله السيد إي. أوسوليفان، نائب رئيس شركة "إف. بي. إل." للطاقة، وهي الجهة المالكة والمشغلة لمركز نيومكسيكو للطاقة البديلة. وفي الخريف الماضي، استعاد الكونجرس تشريعاً خاصاً بالضرائب المفروضة على الطاقة، اصبح بموجبه سعر الكيلووات ساعة من طاقة الرياح 1.8 سنت بعد الخصم الضريبي، على أن يسري هذا التشريع على كافة مشروعات الطاقة التي يتم اكتمالها بنهاية العام الحالي 2005. وبالاستناد على ذلك التشريع، قال أوسيلفان، إنه سوف يكون في وسع شركته إنتاج وتوزيع طاقة الرياح بقيمة أقل بكثير من تكلفة الغاز الطبيعي والنفط.
ومع أن كافة الظروف تبدو مواتية في الوقت الحالي، لارتفاع الطلب على طاقة الرياح، إلا أن هناك جملة من المصاعب تعترض طريق انتشار هذه الطاقة، حسبما يقره حتى أكثر أنصارها حماساً. وإحدى هذه المشكلات التي لا يتحدث عنها أنصار طاقة الرياح، هي الموعد الذي تهب فيه الرياح، على حد تصريح جورج إيه. كيلر، مدير مشروعات الطاقة البديلة والقابلة للتجدد، في شركة "داو للكيماويات". فعلى سبيل المثال، تعرف تكساس الغربية بهبوب رياحها القوية جداً. غير أن معظم تلك الرياح لا تهب إلا ليلاً وفي موسم الشتاء. والمعروف أن موسم الشتاء، هو الموسم الذي تفيض فيه الأسواق بالطاقة الفحمية والنووية الرخيصة، اللتين تنتجهما المحطات المختصة بهذين النوعين من الطاقة. وعلى عكس ذلك، فإن ذروة استهلاك الطاقة الغازية والكهربائية، هي في موسم الصيف عادة، سيما خلال ساعات النهار. وعليه يقترح كيلر أحد الحلول الممكن الأخذ بها في سبيل جعل طاقة الرياح، بديلاً واقعياً ويمكن التعويل عليه. ويتمثل هذا الحل في رأيه، في نصب الطواحين الهوائية في المناطق الساحلية من ولاية تكساس. وعلى الرغم من أن قوة الرياح في المناطق الساحلية، ربما لا تكون بقوة مثيلتها في تكساس الغربية، إلا أن ميزة الرياح الساحلية، أنها تهب خلال ساعات النهار.
وتعد "داو" من أقوى الشركات المؤيدة والمشجعة على مشروعات طاقة الرياح، باعتبار أنها تصب في استراتيجيتها الرامية إلى خفض أسعار طاقة الغاز الطبيعي، التي تستخدمها الشركة كوقود، علاوة على دخول الغاز الطبيعي، ضمن مكونات منتجاتها الكيماوية. ثم هناك مشكلة ثانية أيضا، فيما يتعلق بطاقة الرياح. فحتى إذا ما تحولت هذه الطاقة، إلى ظاهرة شائعة الانتشار، فهل سيكون حجم الطاقة الفعلية المنتجة بهذه الوسيلة، من الوفرة بما يكفي؟ لنضرب مثالاً عملياً لما يثيره هذا السؤال عن حجم الإنتاج. فكمية الطاقة التي ينتجها "مركز نيومكسيكو لطاقة الرياح" يومياً هي حوالي 206 ميجاوات، أي حوالي 8 في المئة من جملة ما تنتجه مولدات المركز، فيما لو عملت جميع المولدات الموجودة، وبكامل سعتها الإنتاجية. تعليقاًَ على هذا الرقم، وصفه داون براون، الناطق الرسمي باسم شرك