تحتضن مدينة أبوظبي فعاليات معرض ومؤتمر البيئة 2005، وذلك ضمن إطار اهتمام دولة الإمارات بالبيئة وسجلها المتميز في حمايتها والحفاظ عليها، ولكن الملاحظ أن هذا التميز البيئي لا يقابله جهد مواز لإنتاج إعلام بيئي، سواء في الصحافة أو وسائل الإعلام المحلية المرئية منها والمسموعة، فلم نزل نفتقر إلى دوريات متخصصة في الإعلام البيئي، ولم يزل الاهتمام بالإعلام البيئي في صحافتنا اليومية محدوداً جداً، رغم أن صحفنا المحلية متعددة الاهتمامات وتزخر بملاحق يومية وصفحات وأبواب لا حصر لها، ولكن الاهتمام بمسألة الإعلام البيئي لا يزال دون المستوى المنشود. ومشكلة الإعلام البيئي ربما تكمن في تخصصه الدقيق شأنه في ذلك شأن ميادين الإعلام التقني، وبالتالي قل أن تجد متخصصاً محترفاً يمتهن الإعلام البيئي، ولكن الحاجة إلى هذا الحقل من الإعلام يتطلب اقتحامه وسبر أغواره والمبادأة ببذل الجهد لتعزيز جهود الدولة.
ورغم أن هناك قناعة لدى هيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية وتنميتها بضرورة بناء شراكة مع الإعلام في سبيل تعزيز الوعي البيئي، إلا أن هذه القناعة لا تقابلها على أرض الواقع قناعة ملموسة من جانب مؤسسات الإعلام بدورها في هذا الشأن، إذ لا يتعدى ما ينشر في هذا المجال التقارير والنشرات الإعلامية الروتينية حول أنشطة الهيئة وبعض الأخبار المتعلقة بالأنشطة البيئية من دون اختراق حقيقي يوازي ما تبذله الدولة من جهود في هذا المجال من خلال إعلام بيئي واع وناضج مدرك لرسالته وقادر على تبني رسالة ذكية تمتلك شروط ومواصفات الجذب الجماهيري، وإقناع الجمهور بأن يكون شريكاً محورياً في الاهتمام بالبيئة المحلية. ولو كان البعض يرى أن هذا الأمر قائم على أرض الواقع بالفعل لما لمسنا هذا التدهور في مستوى العلاقة بين الإنسان والبيئة المحيطة، ولغابت مظاهر الفوضى السلوكية في التعامل مع النفايات والبيئة الخضراء المنتشرة في أرجاء الدولة. والمأمول أن نطور مفهومنا للإعلام البيئي كي يتواكب مع الرؤية العالمية له، خصوصاً أن الحديث عن البيئة لا يقتصر على جوانب تقليدية مثل الحفاظ على الخضرة وغير ذلك، ولكنه يطال البيئة بمختلف مفرداتها وثرواتها ذات العلاقة بالحياة البشرية، وبالتالي فالإعلام البيئي له دور في مجالات عدة مثل التوعية بخفض الاستهلاك الصناعي والفردي من الوقود والكهرباء والمياه والثروات الطبيعية، ونحن في الإمارات بحاجة ملحة إلى تعميق هذا الوعي بالنظر إلى الارتفاع القياسي لاستهلاك الفرد من الطاقة، الأمر الذي يضعنا في مقدمة الدول الأوسع "مساحة بيئية" أو ما يعرف بمعدلات الضغط على المصادر الطبيعية، ونسبق في ذلك دولا مثل الولايات المتحدة وأستراليا والسويد وفنلندا، وهي دول تحتل مقدمة القائمة لأسباب ومعايير استهلاكية تتفاوت من دولة إلى أخرى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية