في بداية الأسبوع نشرت جريدة "الشرق الأوسط" حوارا مع جرير القدوة، كبير عائلة القدوة التي يتحدر منها الرئيس الراحل ياسر عرفات يطالب فيه - على اعتبار أنه يتحدث باسم العائلة- بعودة زهوة ابنة الرئيس الى فلسطين، لتعيش في كنف أهل والدها وتحت رعايتهم، لتكون بعيدة "عن أجواء باريسية تتنافى مع الأخلاقيات والتربية الإسلامية". وأضاف القدوة الذي كان يعمل سابقا كمستشار للرئيس الراحل لشؤون التربية والتعليم "إن زهوة متحدرة من سلالة علي بن ابي طالب، كرم الله وجهه...ولا نريد لها أن تعيش في مناخات ترفضها أخلاقياتنا وعاداتنا". القدوة أكد أنه يعرف أن الحضانة أكانت حسب القانون الفلسطيني أو الفرنسي (سهى وزهوة تحملان الجنسية الفرنسية) من حق الأم، إلا أنه أكد أن "العائلة" ستتحرك لإقناع "أم زهوة" بالانتقال مع ابنتها الى فلسطين بدل الإقامة بين تونس وباريس. وجاء في الخبر أن "العائلة" شكلت لجنة تضم أكثر من 10 أشخاص وكلفت محامين إمكانية رفع دعوى في باريس للمطالبة بحضانة ابنة عرفات الوحيدة "أو أن تبقى ضمن حضانة والدتها على أن تقيما معا في فلسطين"، رغم أن اللجنة تعرف أن القانون الفرنسي يرفض تحديد إقامة أي مواطن فرنسي في مكان معين.
ردت سهى الطويل عرفات على من يريدون "تهديدها" بزهوة، في جريدة "الحياة"، بأن نشرت صورها وصور زهوة في الحج هذا العام. الرد كان شديد الذكاء، إذ أكدت سهى من خلاله ودون الحديث عن المشاكل القائمة بينها وبين عائلة زوجها، وللملايين من العاتبين عليها لتربية ابنتها في باريس بدلا من فلسطين، أن زهوة مسلمة مئة بالمئة، وحجت بيت الله الحرام ولم تتجاوز العاشرة، وأن تربيتها – ولو كانت في مدرسة فرنسية - محافظة ولا علاقة لها بشوائب التربية الغربية التي صحا ضمير عائلة القدوة فجأة عليها. وتحدثت "الحجة زهوة"، عن أدائها مناسك الحج قائلة إنها استمتعت بالتجربة ولم تتعب وشعرت بفرح شديد وهي تقوم بمناسك الحج من أجل راحة نفس والدها، الذي لطالما شاهدت صوره وهو يؤدي فريضة الحج. وأضافت زهوة - وهنا كان الرد على "العائلة"- ، صليت لوالدي وأولاد فلسطين، وأريد أن أعود مع والدتي الى هذا المكان المقدس فأفرح أنا ووالدي ووالدتي".
بعد هذا الكلام بيومين تصدرت صورة سهى الطويل عرفات الصفحة الأولى، في خبر عن تعرض سكرتيرة والدتها لمادة "انتراكس" كانت ضمن رسالة موجهة الى سهى الطويل، وتلكؤ السلطات الفلسطينية في الكشف عن نوعية البودرة البيضاء المرسلة.
بعيدا عن "الانتراكس"، وبعيدا عما تريده سهى الطويل عرفات، وما تريده عائلة القدوة، هنالك واقع واضح ومحدد. لقد سمح، لا بل اختار الرئيس عرفات ولأسباب هو زوجته يعرفونها جيدا ولا تخص سواهما، أن تنتقل سهى وزهوة للعيش بين باريس وتونس. وإذا كان أبوعمار "رحمه الله" راضيا، فما علاقة العائلة في الموضوع؟ ولماذا، وجثة أبوعمار لم تبرد بعد يريدون معركة ستكون ضحيتها الأولى "الحجة زهوة"، اليتيمة التي أبكت الدنيا يوم حضرت جنازة والدها ولم تجف دموعها لحظة.
"وأما اليتيم فلا تقهر..."، وزهوة لم يعد لديها سوى حضن أمها والمجتمع الذي تعودت عليه. ومن كانت سليلة علي بن ابي طالب –كرم الله وجهه- وابنة ذاك الأب، لا يمكن أينما تربت ومهما بعدت عن فلسطين أن تنسى التراب الذي عاش والدها له ووري فيه.
اتركوا زهوة تزهو وتكبر، ففلسطين في قلبها وإسلامها وعروبتها بأمان، وحضن أمها في هذا الوقت أولى بها. كذلك اتركوا المعارك الجانبية واجيبونا على الأسئلة التالية: لماذا لم يعد أحد يتحدث عن التقرير الطبي للرئيس الراحل، وهل مات مسموما أم لا؟ وأين أموال منظمة التحرير الفلسطينية التي اشيعت حولها ألف إشاعة؟.