بعد مطالعتي لمقال الأستاذ محمد عارف المنشور يوم الخميس الماضي 27-1-2005 في "وجهات نظر" والمعنون بـ" كم تبلغ كلفة مقاولة الانتخابات العراقية؟" أرى أنه حين تبدأ مقالة بنكتة غير لائقة (عن المطهرجي والساعاتي)، يكون من غير المستغرب استخدام كلمة "بذاءة" لتوصيف قيمة عالية مطلوبة كالانتخابات العراقية. وحين يسخر الكاتب (للأسف) من انتخابات ستجري بعد نحو خمسين سنة من حكومات الخراب والمصائب، يلحقها بتسمية أعمال دنيئة منها: ذبح أطفال يحضرون حفل تدشين مشروع ماء، قتل مصلين صباح عيد، تفجير زفة عرس بسيارة إسعاف، حرق مستشفى بقاطنيه، تفخيخ مدارس ومساجد ويصفها بـ"مقاومة"، يكون الكاتب قد وصل إلى درجة خطيرة من سوء تقدير المشهد العراقي الراهن.
وحين يكتب عن ملايين كلفة الانتخابات، في الوقت الذي لم يذكر مرة واحدة آلاف مليارات الوطن من الدولارات التي سفحت من أجل التخريب وتقديم الرشاوى بالملايين لكتاب طبلوا للكذب والقتل والتزييف وجاهدوا لأجل منع العراقيين من سلوك طريق الاستقرار والحرية والمساواة، وحين يذكر أسلحة الدمار الشامل ينسى أننا معشر العراقيين نعتبر صدام وأجهزته المهزومة سلاحاً كان أقوى علينا من كل أسلحة الأرض، وحين يشير بالانتخابات كونها "جريمة حرب"، فماذا يسمي لنا استفتاء 100%؟
نعم. إن أول انتخابات بعد عقود من التسلط والقهر والمقابر وسراديب القهر لن تكون نقية 100%، لكنها البداية، والديمقراطية هي ممارسة وتراكم خبرات، وإن حكومة "نصف منتخبة" هي أفضل من حكومة معيّنة. ونهاية العام الحالي هناك انتخابات وحكومة أخرى. كما أن الدستور الذي سيقر بعد استفتاء شعبي ليس مقدساً أو ثابتاً، وكل الدساتير فيها آلية التغيير (حين يريد ذلك الشعب)، ويكفينا أن نذكر دساتير (اللادساتير) التي يكتبها أمي في صفحة (في ساعة) لننظر في كوة الأمل. فلماذا هذه الكراهية لانتخابات الشعب العراقي ونحن نرى شعباً عربياً آخر تبارك له انتخاباته في ظل احتلال الاستيطان. رفقاً بالعراق والعراقيين يا عرب، وكفى صناعة كوارث ونكبات وانشقاقات قادنا إليها من لا يخشون إلا انقطاع شرورهم.
د. عبدالرضا الفائز - عراقي مقيم في أبوظبي