في نهاية يناير من كل عام يجتمع عدد كبير من ساسة العالم ورجال الأعمال في منتجع دافوس السويسري لإحياء فعاليات "المنتدى الاقتصادي العالمي" لوضع اطار عام لأجندة العالم السياسية والاقتصادية في العام الجديد. وجرت العادة على أن يصف المحللون هذا المنتدى بأنه تجمع لأغنياء العالم الذين يسعون إلى تعظيم أرباحهم ومكاسبهم من العولمة. لكن منذ أربع سنوات شهد العالم ميلاد منتدى جديد هو "المنتدى الاجتماعي الدولي" الذي ينعقد في مدينة "بورتو اليغري" البرازيلية، بالتزامن مع "دافوس"، وهذا المنتدى عادة ما يتم وصفه بأنه "منتدى فقراء العالم" كونه يعبر عن مصالح الدول النامية ومطالبها. اللافت أن المجتمعين في "دافوس" و"بورتو أليغري" اتفقوا هذه المرة على أهمية مكافحة الفقر، وربما يعود الفضل في هذا الاتفاق إلى الخسائر البشرية الضخمة التي شهدتها بلدان جنوب شرق آسيا عقب كارثة المد البحري الذي ضرب شواطئ ثمانية بلدان في جنوب شرق آسيا.
إن هذين المنتديين يعكسان حقيقة واحدة تتمثل في أن العولمة ظاهرة يتعين دراستها وتحليل نتائجها، فدول الشمال المتقدم تسعى دائماً إلى تعظيم مكاسبها من خلال الدفع في اتجاه حرية التجارة وحرية انتقال السلع والخدمات منها إلى بقية دول العالم، في حين تتحفظ هذه الدول على مسألة نقل التقنيات إلى بلدان العالم النامي. دول الجنوب لا زالت تخسر من العولمة، فأسواقها باتت مفتوحة لكل ما ينتجه الشمال، في حين تعجز منتجاتها عن المنافسة في الأسواق العالمية، وهو ما يستوجب قيام منظمة التجارة العالمية بفرض سياسات تجارية عادلة تضمن الحفاظ على مصالح الدول النامية والبلدان المتقدمة في آن معاً .
ولاشك أن النقاشات والرؤى التي يتم طرحها مطلع كل عام في "دافوس" أو في "بورتو أليغري" مفيدة جداً كونها محاولة لتقويم مسار العولمة وأداة للبحث عن سياسات اقتصادية وتجارية ونقدية عادلة تعزز السلم والأمن الدوليين.
عمرو إبراهيم- الشارقة