تعد جوائز التميز من أهم المؤشرات على جودة العمل في العديد من الميادين، وفي دولة الإمارات هناك العديد من جوائز التربية والتعليم على رأسها جائزة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وجائزة حمدان بن راشد آل مكتوم للأداء التعليمي المتميز، والتي نخصها بالحديث في هذا المقال لاقتران الزمان بتداعيات كتابة هذا الرأي.
بدأت هذه الجائزة أعمالها عام 1998 على مستوى دبي، وتطورت كي تشمل دولة الإمارات العربية المتحدة. وفي الدورة الماضية شملت دول مجلس التعاون الخليجي، والجائزة لها أهداف مرسومة للارتقاء بالميدان التربوي لذلك شملت العديد من الفئات هي: الطالب المتميز والمعلم والاختصاصي النفسي والاجتماعي وأفضل مشروع مطبق، وجائزة للابتكارات وأخرى للبحث التربوي الإجرائي والمدرسة المتميزة والموجه والأسرة والمنطقة التعليمية والإدارة المركزة. لذلك فإن هذه الجائزة شاملة للمجتمع التربوي بجوانبه المختلفة. ومن مميزات هذه الجائزة المكافأة السخية المقدمة فتتجاوز القيمة المالية المخصصة للجائزة الثلاثة ملايين درهم، وتتدرج من عشرة آلاف درهم للطالب لتصل إلى خمسة عشر ألف درهم للمعلم وخمسين ألف درهم للمعلم فائق التميز والإدارات المتميزة، و100 ألف للمنطقة التعليمية، كما يحصل البحث التربوي على 20 ألف درهم أما الأسرة فتحصل على 25 ألف درهم. وبالرغم من سخاء العطاء ووضوح المعايير ودقتها التي بنيت وفق أحدث النظم التربوية إلا أننا ومن تجربتنا في الجائزة نلمس تقهقراً في أعداد المشاركين.
شرفت برئاسة لجان التحكيم المركزية للجائزة في دوراتها المختلفة وأكتفي بذكر بعض المؤشرات الرقمية التي لمستها هذا العام كي أكتب هذا المقال. فبالمقارنة بين الدورة السادسة للجائزة والدورة السابعة هذا العام نستطيع أن ندق ناقوس الخطر ليس على الجائزة، فهي مستمرة العطاء لكن للميدان التربوي الذي لم أتمكن من إيجاد المبررات المنطقية لعزوفه عن الاشتراك في الجائزة. فلو استثنينا فئة الطلبة الذين تزايد عددهم هذا العام ليرتفع من 236 إلى 321 فإن الفئات الأخرى تشهد غير ذلك. ففئة المعلم مثلا نقص العدد من 87 إلى 76 وفئة الاختصاصي النفسي والاجتماعي نزل العدد من 12 إلى 4 مشاركين هذا العام، والابتكار من 15 إلى 7 والمدرسة من 33 إلى 19 والموجه من 17 إلى 10. المؤشرات الرقمية السابقة الذكر تطرح العديد من التساؤلات حول الميدان التربوي، وهي فعلا تعد ناقوس إنذار للبحث عما يجري في قطاع التربية والتعليم.
دعونا نتفكر في أسباب هذه الإحصاءات المؤرقة. ربما كان السبب يكمن في المعايير الطموحة التي وضعتها الجائزة للحصول عليها. إن الدراسة المتأنية للمعايير تؤكد لنا أنها صممت كي تتناسب مع البيئة المحلية وإن كانت عالمية في توجهاتها فإننا في دولة الإمارات نتلمس مستوى الجودة في كل شيء، والميدان التربوي هو أول ما نبحث فيه عن الجودة، لذلك فإن عذر المعايير لم يعد مقبولا لسببين أولهما أنه فاز بالجائزة العديد من المتقدمين في الدورات الماضية، فهل جف نبع التميز في الدولة؟، أما السبب الآخر فإن المعايير تقول لمن يتعامل معها بكل صراحة هذا مستواك من الجودة فإن كنت مقتنعاً به فالأمر راجع لك وإن لم يكن فما فات الأوان لمن يرغب في التطور والإبداع.
في تصوري الشخصي الميدان التربوي حافل بالمتميزين الذين نحن بحاجة إلى أن ننقب عنهم، والأمر راجع إلى مديري المناطق التعليمية في القيام بدورهم، فهناك من المتميزين من تأبى عليه نفسه أن يزكيها فهو بحاجة إلى من يدعوه لذلك، وآخرون لم يتمكنوا من تلمس التميز لديهم فهم بحاجة إلى من يعينهم. وفي ختام المطاف فإننا في الجائزة نتلقى وبصدر رحب كل تعليق على هذا المقال من الميدان.