كل إنسان يتعطش إلى الحرية لكن كما يريدها ويفهمها. الحرية ليست هبة من شعب إلى شعب وإنما هي حق مشروع ولا ترسل للشعوب مع أكياس القمح أو مع الأساطيل أو معلبة يكتب عليها "هبة من الشعب الأميركي". فكيف إذا كانت من الإدارة الأميركية، وقد بات معروفاً أن هذه الإدارة لا تعطي شيئاً من دون ثمن يعادل أضعاف مضاعفة لما تعطيه. والعالم يدرك أن الحرية التي يتمتع بها الشعب الأميركي لم تكن هبة له إنما كانت خياره وباختياره. فلماذا يحاول الأميركيون فرضها على الآخرين؟ وأقول لهؤلاء: اتركونا وشأننا، فلولا تدخلكم في شؤون الآخرين لسادت الحرية والعدالة في العالم منذ زمن طويل وتنعمت الشعوب بثرواتها كما تتنعمون.
40 مليون دولار أميركي فقط لا غير كانت تكاليف احتفال تنصيب الرئيس بوش لفترة رئاسية جديدة وهو الخطاب الذي اهتم فيه الرئيس الأميركي بنشر الحرية في العالم، ويبدو أن الإدارة الأميركية قد حققت فائضاً خيالياً من حربها واحتلالها للعراق، لذا بدأ عهد الترف والبذخ والمجون كما كان يحلو للأباطرة والقياصرة والنبلاء أن يفعلوا. وبلغة الأرقام أنقل عن وسائل الإعلام ما يلي: 42% من الشعب الأميركي لا يؤيدون الرئيس بوش. و64% من الشعب الكندي لا يؤيدون الرئيس الأميركي. و48% من المكسيكيين لا يؤيدونه. و55% من الأستراليين لا يؤيدونه. و 74% من الفرنسيين لا يؤيدونه. و78 % من الألمان لا يؤيدونه. و53% من الإيطاليين لا يؤيدونه. و70% من الأسبان لا يؤيدونه. و64 % من البريطانيين لا يؤيدونه.
هذه الأرقام هي من الدول الصديقة للولايات المتحدة، والقارئ يعرف ماذا ستكون الأرقام لو تم هذا الإحصاء في الدول التي تعتبرها الولايات المتحدة في صفوف معادية أو من دول العالم الثالث كما يحلو للبعض أن يسميها. فإلى من توجه الرئيس بوش في خطابه؟ إلى من يدفعون ثمن حروبه، أو إلى الذين تُسرق ثرواتهم ويعيشون تحت مستوى الفقر وأقصى حالات العوز والجوع والمرض.
نرجو من الرئيس بوش أن يعلم أن من يبيع الكلام كمن يطعم الأفواه بملعقة فارغة، وأقول له: لا تستخف بعقول الشعوب التي لم تعد تهضم الكلام أو تبتلعه حتى ولو قتلها الجوع .
شوقي أبو عيَّاش- الشوف- لبنان