الخطاب الذي أدلى به الرئيس بوش يوم الخميس الماضي يحمل مشروعاً أميركياً ضخماً لنشر الحرية في العالم، لكن هل ثمة اقتناعا على الصعيد الخارجي بإمكانية تفعيل رؤية بوش الخاصة بمحاربة الطغيان في العالم؟ اعتقد لا، فخلال السنوات الأربع الماضية لم ينجح الرئيس الأميركي في فرض ما يراه "ديمقراطية" إلا من خلال القوة العسكرية، وما يدور الآن في العراق وأفغانستان خير دليل على أن طريق الديمقراطية-من وجهة نظر الرئيس بوش-يبدأ عادة بعد حروب ضارية تحرز فيها الولايات المتحدة نصراً على "الإرهابيين" أو "أعداء الحرية". صحيح أن محاربة الطغيان أمر يستحق الترحيب من الجميع، لكن يجب أن تكون المسألة مضبوطة بمعايير دقيقة، منها أولاً: ما هو التعريف الحقيقي للطغيان؟ هل هو الاستبداد والحكم المطلق أم أن كل من يعارض السياسة الأميركية سيكون متهماً بالطغيان؟ في هذه الحالة لابد من تعريف جامع مانع للطغيان حتى لا نقع في جدل بيزنطي عقيم حول التعريف، وهو ما حدث في مكافحة الارهاب، فحتى الآن لا يوجد تعريف دقيق وواضح لحسم الجدل المثار حول هذه القضية الشائكة. ومع البداية الرسمية لفترة بوش الرئاسية الثانية يقف العالم الآن بانتظار سياسة أميركية جديدة تقوم على ثوابت راسخة، وفي الوقت ذاته تكون مجردة من المصالح الآنية أو الأهواء الخاصة بجماعات أميركية لا يهمها كثيراً نشر الحرية والديمقراطية بقدر ما يهمها طرح أجندة قوية للهيمنة على العالم.
حسين محمود-أبوظبي