بعد وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ظهرت تحليلات غربية كثيرة مفادها أن فرصة السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين أصبحت سانحة أكثر من أي وقت مضى. هذه التحليلات ذهبت الآن أدراج الرياح، فهجمات الإسرائيليين على فصائل المقاومة الفلسطينية لم تتوقف، ومن ثم تتواصل دوامة العنف، لذا كان من الخطأ تحميل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مسؤولية تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة. المشكلة إذن تكمن في السياسات الإسرائيلية، فحكومة شارون تستسهل عادة الحلول العسكرية، بما فيها اغتيال الكوادر الفلسطينية وتصفية القيادات من خلال عمليات عسكرية ما يؤجج عمليات المقاومة، ويضعف من قدرة أي قيادة فلسطينية على المضي في اتجاه التسوية السلمية. وعلى الجانب الفلسطيني نجد أن التنظيمات المسلحة التي تمتلك حق الدفاع عن نفسها ضد الضربات الإسرائيلية وتتمسك بشرعية المقاومة المسلحة لدحر الاحتلال، لا تزال تفتقر إلى التنسيق السياسي مع القيادة الفلسطينية، علما بأن هذه القيادة منتخبة وتتمتع بالشرعية الكاملة للتفاوض نيابة عن الشعب الفلسطيني، وهذا أوجد ارتباكاً أو بالأحرى تناقضاً بين موقف القيادة الفلسطينية وما يدور على أرض الواقع. غياب التنسيق بين القيادة الفلسطينية وفصائل المقاومة يجعل الساحة الفلسطينية مفتوحة على تدخلات اقليمية ودولية واسعة النطاق، فمن الصعب أن ينجح "أبومازن" في إبرام اتفاق مع الإسرائيليين من دون وجود هذا التنسيق، وإلا فإن مواقف هذا الرجل التي تفاءل بها الجميع ستتحول مع مرور الوقت إلى سراب. وفي ضوء السياسات الإسرائيلية الخاطئة وغياب التنسيق الفلسطيني-الفلسطيني، لن تكون ثمة فرصة لاحياء عملية السلام التي أصبحت مجمدة منذ أربع سنوات.
أشرف إبراهيم-دبي