المشهد في العراق إلى أين؟·· لا يكاد يمر يوم دون أن يتكرر هذا السؤال فيما الإجابة غائبة أو مغيَّبة بفعل فاعل· فالإرهاب أصبح هو الخبز اليومي الذي يتجرعه الشعب العراقي، والأرض العطشى إلى الأمان والسلام لم تعد تجد ما يرويها غير دماء الأبرياء، فيما أمير الظلام ''الزرقاوي'' يتحدث عن ''جهاد'' طويل مع ''العدو''·· والعدو في قاموسه الدامي هو أطفال العراق ونساؤه وشيوخه وشبابه الذين تقلصت أحلامهم لتصبح ''لقمة خبز'' وجرعة ماء ولحظة طمأنينة·
المشهد في العراق إلى أين؟·· زعيم الإرهاب وأعوانه الضالون والمضللون عندهم الإجابة·· قدموها باسم الإسلام في واحد من أكثر الأيام الإسلامية حرمة وقداسة·· يوم الوقوف على جبل عرفة: سيارات مفخخة حصدت 27 عراقيا من ''الأعداء'' وأصابت 66 آخرين· شاء الإرهاب الأسود أن يقدم للأبرياء هدية العيد·· دموعاً سخية على من اغتالهم الغدر وآلاماً لا تحتمل تقصم ظهور كل من نالتهم شظاياه·
وأمس كان يوما آخر من أيام العطاء الزرقاوي الجهادي الإسلامي السخي·· أمس تفتقت العقلية الإرهابية المريضة عن حقيقة نضالية جديدة هي أن تدمير المساجد جهاد، قتل الساجدين خضوعا لله كفاح· أمس أعلن الإرهابيون مجددا وجههم القبيح عندما ضموا المؤمنين الخاشعين الذين تركوا بيوتهم في ظلام الليل لتأدية صلاة الفجر والاحتفال بالعيد إلى قائمة الأعداء الذين يستحقون التصفية، فاستخدموا سيارة ملغومة لتفجير مسجد في منطقة البياع جنوب غربي العاصمة العراقية بغداد· انفجرت السيارة عندما كان المصلون وهم من الشيعة يتأهبون لمغادرة المسجد·· ليسقط عشرات القتلى والجرحى وتتهدم البيوت المجاورة على رؤوس أصحابها وبينهم أطفال في سن البراءة، عيون من نجا منهم تحمل إدانة موجعة لكل هذا العبث وعجزا حقيقيا عن فهم أسباب الحرمان حتى من لحظة فرح في العيد أو مبررات كل هذا العذاب الذي يحاصرهم ويئد طفولتهم·
المد الإرهابي في العراق تحول إلى طوفان يغرق كل القيم النبيلة والمعاني الإنسانية·· يجهض كل الأحلام المشروعة· واستهداف ثاني مسجد شيعي خلال اقل من أسبوع واحد يكشف أهداف المخطط الشيطاني لمجاهدي السيارات المفخخة: الفتنة هي الهدف·· الصراع والتناحر بين أبناء الشعب الواحد والوطن الواحد هو الغاية·· ويبقى السؤال·· أين حكماء العراق من كل ذلك؟· لقد آن الأوان لمواجهة حقيقية مع الإرهاب، مواجهة لا تعترف بغير الإجماع، لا تعترف بالطائفية ولا تقبل بها·· تنسى الخلافات وتطوي صفحات الماضي البغيض وتتطلع إلى المستقبل والعراق قادر على ذلك بأبنائه المخلصين·