"إنه عقاب من الرب لأن العدالة غائبة والفساد زاد وزعماؤنا أصبحوا قمعيين لا يعيرون اهتماماً للفقراء". هذا ما قاله أحد الناجين من زلزال تسونامي الذي يعني أمواجا بحرية زلزالية تضرب الشواطئ وتسبب آثارا مدمرة وقاتلة، والذي ضرب في ثوان معدودات جزيرة سومطرة شمال إندونيسيا، وانتقل بسرعة إلى جزر اندامان بالمحيط الهندي وماليزيا والصومال والأردن واليمن، وقضت أمواجه القاتلة على ما يزيد على 153 ألف إنسان وملايين المشردين ودمرت مناطق وقرى وسواحل كانت تعتبر من أجمل المناطق السياحية في العالم.
"الغضب الإلهي" قد ينزل على البشر عندما تختل الموازين الأخلاقية على الأرض ويصبح الظلم والفساد هما السائدان في الأرض حيث يسلط الله عز وجل غضبه في صورة ابتلاء شديد الحدة أو كوارث طبيعية ضخمة تسبب أثاراً مدمرة. إن من يقرأ سيرة الأمم السابقة والحضارات المندثرة خاصة تلك التي ذكرها القرآن الكريم سوف يجد الكثير من المعاني والعبر والدروس التي تشير إلى ذلك. فعندما يأس النبي نوح عليه السلام من دعوة قومه إلى الحق توجه إلى ربه بالدعاء عليهم فأمره الله أن يركب السفينة وانفجرت الأرض واغرقت المياه كل ما على الأرض من إنسان وحيوان ونجى نوح عليه السلام ومن معه. وعندما أصر قوم النبي هود عليه السلام على البقاء في عبادة الأوثان أرسل الله عز وجل عليهم الريح العقيم فأهلكهم وعذب فرعون بالماء وسخر الصواعق ليهلك بها ثمود... لهذا فأننا نجد أن هناك علاقة وثيقة بين ما يحدث من كوارث طبيعية على الأرض وبين ما يحدث من ظلم وفساد فيها.
وما أريده قوله هنا هو إن مثل هذه الكوارث الطبيعية ومهما كانت تفسيراتها العلمية فإن السبب الأول والرئيسي فيها هو الأمر الإلهي وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم والسنة الشريفة وعلماء المسلمين. بل إن العديد من علماء الغرب قالوا ذلك بخصوص الطوفان الأخير الذي ضرب آسيا. تقول "كاترين سوليفان" أول امرأة أميركية تمشي على الفضاء "من المؤكد أن هناك قدرة أكبر مني أعرف أنني لن أعثر عليها من خلال النظر عبر التلسكوب، إنها تعني ضرورة الإيمان بالله". ويقول مارك براون رئيس برنامج الأمم المتحدة للتنمية بعد أن شاهد حجم الكارثة: إن حجم تسونامي الهائل وتوقيته كان كالوصف التوراتي، فكلنا فوجئنا به دون سابق انذار، إنها كارثة طبيعية ضخمة". والحقيقة أن مثل هذه الكوارث الطبيعية الحادة هي عبارة عن جرس إنذار ورسالة تنبيه نتعلم منها العديد من الدروس والعبر أهمها:
1- إنه مهما وصل الإنسان من تقدم وامتلك أرقى أنواع التكنولوجيا فإن كل ذلك لن يقف حاجزاً أمام أمر الله عز وجل وقوته إذا أراد سبحانه أن تنفذ إرادته على الأرض. ويكفي ما قاله ستيوارت فاينستين أحد العلماء المناوبين في مركز هاواي الباسيفيكي للإنذار المبكر عن موجات تسونامي "أنا أشعر شعور الغبي" حيث إنه رغم كل هذه الأجهزة لم يستطع التنبؤ بحدوث الزلزال أو رصد حركته.
2- إنه إذا ارتكبت المعاصي وكثرت المفاسد فإن حالة الابتلاء والعقاب قد تحل على الجميع، الفئة الصالحة والفئة الفاسدة، ويكفي هنا أن نشير إلى ما ذكرته صحيفة التجديد المغربية الصادرة في 5/1/2005 نقلا عن صحيفة "افريياني" اليونانية التي نشرت تقريراً تحت عنوان "غضب الإله يضرب المتاجرين بالأطفال" حيث يشير التقرير إلى أن الكثير ممن ابتلعتهم الأمواج الغاضبة كانوا من الذين قصدوا البلاد الآسيوية خاصة تايلاند ابتغاء السياحة الجنسية وخاصة من الشواذ الجنسيين والمتاجرين بالأطفال وإن الكثيرين من السياح اليونانيين الذين غمرتهم الأمواج في آسيا صدرت بحقهم عقوبات قضائية تتعلق باستغلال القصر جنسيا وإنهم كانوا زبائن دائمين لشركات السياحة الجنسية الآسيوية.