بدأ الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش مساء أمس ـ رسميا ـ ولايته الرئاسية الثانية في احتفال سيطر عليه إلى حد كبير الهاجس الأمني· وفي تصريحاته العديدة، سواء خلال سباق الرئاسة الماراثوني أو عقب إعلان فوزه، حدد الرئيس بوش الملامح الرئيسية لسياسته الخارجية وفي مقدمتها تأكيد الالتزام بإقامة الدولة الفلسطينية والحرص على تعديل صورة أميركا في العالم بشكل عام في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي بشكل خاص وكذلك الحرص على تفعيل العمل الدبلوماسي لإنهاء كل الملفات العالقة·
وفي جلسة اعتماد ترشيحها بلجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ الأميركي اعترفت كوندوليزا رايس المرشحة لتولي وزارة الخارجية الأميركية بأن إدارة الرئيس بوش اتخذت بعض القرارات الخاطئة في العراق وأن الإدارة الأميركية لم تكن لديها المهارات اللازمة للتصدي لجهود إعادة بناء من هذا النوع·
والحقيقة المؤكدة هي أن السياسة الخارجية الأميركية خلال فترة الرئاسة الثانية للرئيس بوش سوف تشهد تغييرات ايجابية مهمة، كنتيجة منطقية للتخلص من الكثير من الضغوط الانتخابية التي تتعرض لها أي إدارة أميركية في فترة الولاية الأولى لأي رئيس، وكنتيجة عملية لتراكم الخبرة وتقييم نتائج سياسات الولاية الأولى·
والمطلوب منا هو استثمار هذه المعطيات والاستفادة منها، وهو ما لن يتحقق دون إرادة حقيقية وتعاون صادق ورغبة أكيدة من جانب الأطراف العربية المعنية· وأول خطوة على هذا الطريق، منح الرئيس الفلسطيني المنتخب أبو مازن الفرصة لتفعيل المسار السياسي وتأكيد الالتفاف حوله من قبل كل القوى الفلسطينية بما يعطيه قوة تفاوضية تجعله قادرا على الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة ومطالبه العادلة·
وفي العراق فإن الانتخابات أصبحت وشيكة وعلى نتائجها سوف تترتب أمور كثيرة·· فإما أن تأتي بحكومة قوية قادرة على بناء عراق جديد وعلى تصحيح الأوضاع وتحقيق الاستقرار والأمان للشعب العراقي الذي عانى الكثير ولا يزال·· وهو ما لا يمكن أن يتحقق بغير المشاركة الجماعية فيها والعمل الجماعي على إنجاحها، وإما أن تكرس الفرقة والاختلاف وتضاعف الآلام والمعاناة·
الفرصة إذن مهيأة لبدء صفحة جديدة في العلاقات العربية الأميركية·· ولكن محتوى هذه الصفحة يعتمد إلى حد كبير على ما نقدمه نحن لأنفسنا أولا.