يبدو أن منطقتنا العربية لم تتأثر بموجة العولمة أو أن جهود التنمية والأموال الطائلة التي تنفقها الحكومات العربية على التعليم ذهبت أدراج الرياح، لكن ما مناسبة هذا الحديث؟.
المناسبة هي أن المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة "اليسكو" التابعة لجامعة الدول العربية أعربت قبل ثلاثة أيام عن قلقها من تزايد عدد الأميين في العالم العربي. المنظمة أصدرت تقريراً يفيد بأن عدد الأميين في الوطن العربي-والمقصود هنا الأمية الهجائية وليس أمية الكمبيوتر- وصل هذا العام إلى 70 مليون أمي. رقم خطير ويبعث على الخوف والقلق في آن معاً. فكيف سيحارب العرب الفقر والإرهاب والتطرف والديكتاتورية في ظل معدلات أمية مرتفعة إلى هذه الدرجة المخيفة؟. العالم يتطور بصورة سريعة ومن يقف عاجزاً أو مكتوف الأيدي ولا يطور قدراته ومهاراته يصبح كماً مهملاً و"صفراً على الشمال" في عالم لا يحترم إلا الشعوب المتطورة والقادرة على استيعاب التقنيات الحديثة. وحسب تقرير "اليسكو" فإن المنطقة العربية تحتاج إلى أكثر من ثلاثة عقود كي تتغلب على معضلة الأمية، وذلك في حال استمرت وتيرة التقدم في مجال مكافحة الأمية بالمعدلات التي هي عليها الآن. ما يبعث على القلق أن البلدان العربية ذات الكثافة السكانية العالية تعاني من الأمية أكثر من غيرها، ما يعني أن المسألة تتطلب جهداً جباراً لتصحيح خلل خطير يعتري المجتمعات العربية في القرن الحادي والعشرين، فالأمية تحمل معها مخاطر جمة تمتد لتطال المجتمعات العربية وتهدر جهودها في التنمية، ومن ثم يتعين على مؤسسات المجتمع المدني تكثيف جهودها لاجتثاث الأمية الهجائية في عالمنا العربي، وأن تقف جنباً إلى جنب مع الحكومات في مجابهة هذه الآفة المجتمعية الخطيرة.
عمرو محمود - دبي