العلاقات العربية-الإسرائيلية تعدت مرحلة الخجل لتكون على العلن أكثر فعالية. فمنذ توقيع معاهدة السلام في كامب ديفيد تستخدم أميركا سياسة الاحتواء والترويض، وقد نجحت تلك السياسة وحققت نجاحات كبيرة، ومن خلال تلك النجاحات عززت وجودها بغزو العراق وإغراق المنطقة في دوامة الصراعات ذات الأدوات الداخلية الموالية لسياساتها وأخذت تنشر عبر تلك الأدوات إعلانات مؤثرة مثل تحرير المرأة وحقوق الإنسان والديمقراطية وإعادة صياغة الثقافة بشكل يتلاءم مع الفكر الغربي الداعي إلى طمس المعالم الثقافية لهذه الشعوب وهذه الروابط التاريخية والعقائدية.
ولأن أميركا منذ زمن بعيد تهيئ إسرائيل لقيادة منطقة الشرق الأوسط، فإنها رأت بأن ذلك لن يتحقق إلا بإدخال إسرائيل في اتفاقات أحادية سواء اقتصادية أو سياسية أو أمنية ليسقط الجميع بالتتالي ويتم كسر حاجز التردد لدى البعض الذي يقتنص الفرصة وتجاوز مرحلة الخجل لأن معظم العرب باتوا يسعون إلى إرضاء السياسة الأميركية خوفاً من بطش واشنطن وطمعاً في كسب ودها بغض النظر عن الاعتبارات الأخرى أو ما سيؤول إليه بعد ذلك.
وإذا كانت ذاكرتنا التاريخية حاضرة وما زلنا نتذكر بأننا جزء من التاريخ وكانت لنا إسهامات فعالة بشكل أو بآخر في التطور الصناعي الغربي من خلال عقولنا المهاجرة التي أسهمت بتقنيات وعلوم عديدة وأرست قواعد الحضارة في العالم المتحضر، فإنه ستدهشنا كثيراً هذه الرداءة السياسية والهشاشة الفكرية التي وصلنا إليها في عالمنا العربي، أي أننا خرجنا إلى الهامش. ويبقى السؤال: لماذا ساء حالنا وأصبحت عقولنا معطوبة لا تعمل؟ هل وصلنا إلى هذه المرحلة من فقدان الثقة بالنفس؟ وأيضاً لماذا في بيئتنا يصاب علماؤنا ومفكرونا بالاكتئاب والاغتراب الداخلي؟ هل نحن بيئة غير مشجعة أو غير صالحة للابداع؟ ترى من أي منظور نحن ننظر لذواتنا؟ وهل أصبح من الواجب علينا أن نؤمن بأميركا وفلسفتها أكثر من إيماننا بأنفسنا وتاريخنا؟ ولماذا نعتقد بأننا تحت "المظلة الأميركية" بإمكاننا تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والحرية وبغير ذلك لا يمكننا؟ ألسنا نجازف بكل شيء عندما نقبل الأمر الواقع ونذعن لكل تلك الضغوط؟
راشد الحزي - أبوظبي