هل يجب التمسك بموعد إجراء الانتخابات العراقية في الثلاثين من هذا الشهر أم أن الأفضل تأجيلها بضعة أشهر؟ لكي يكون الرد على هذا السؤال موضوعياً نطرح السؤال التالي: هل إن تأجيل الانتخابات سيؤدي إلى تخفيف المخاطر الأمنية وانحسار هجمات الإرهابيين في مناطق ومدن (المثلث السني) الأمر الذي يؤدي إلى مساهمة سكان تلك المناطق مساهمة جدية في الانتخابات. الإجابة على هذا السؤال ستكون بالنفي بكل تأكيد، فالإرهابيون سيعتبرون التأجيل انتصاراً لهم يشجعهم على زيادة الهجمات، ما سيضعف من إمكانية إجراء الانتخابات حتى في المناطق الهادئة نسبياً. وثمة سؤال آخر مؤداه: هل من الممكن أن تجري الانتخابات في يوم واحد في جميع أنحاء العراق (حتى في المناطق التي يستطيع فيها الإرهابيون ترويع الناخبين والمرشحين والتهديد بقتل كل من يساهم فيها)؟
والجواب على هذا السؤال لن يكون إلا بالنفي أيضاً، للأسباب التالية: أولا: ليس بإمكان الحكومة المؤقتة أن تؤمن الحماية للناخبين والمرشحين في كافة أنحاء العراق في يوم واحد وإن استطاعت فلن يزول خوف الناخبين والمرشحين بالنظر لأجواء الرعب الناجم عن العمليات المسلحة في منطقة "المثلث السني". ثانياً: توزيع قوى الأمن المتيسرة لدى الحكومة في كافة أنحاء العراق في يوم واحد سيؤدي إلى إضعاف الحماية للناخبين والمرشحين في المناطق الآمنة نسبياً. الأمر يؤدي إلى انخفاض عدد الناخبين في تلك المناطق الذين يغامرون بحياتهم في سبيل المساهمة بالعملية الانتخابية. ونتيجة لما سبق ذكره ستنخفض نسبة المساهمة في الانتخابات إلى أرقام ضئيلة تفتح الأبواب للطعن في شرعيتها.
والحل البديل كما يتراءى لنا، وتلافياً للمخاطر، هو إجراء الانتخابات على مرحلتين: الأولى
في المناطق الآمنة نسبيا يوم 30 يناير، حيث يمكن تكثيف قوى الأمن فيها مما يؤدي إلى ارتفاع ملحوظ في عدد الناخبين، على أن يقتصر عدد المرشحين الفائزين فيها على عدد يقل عن (275) نائباً بنسبة تتكافأ مع عدد السكان في المناطق التي يسودها العنف ويتعذر إجراء الانتخابات فيها حالياًِ فتؤجل إلى ما بعد شهرين أو ثلاثة أشهر. ومزايا هذا الاقتراح البديل عديدة وهي: أن موعد 30 يناير قد تم الالتزام به، وأتيحت الفرصة لمن لم تساعدهم الظروف في المساهمة بالعملية الانتخابية في المرحلة الاولى ليساهموا بها في المرحلة الثانية.
شكري صالح زكي - وزير عراقي سابق