في قلب مدينة أبوظبي، بعد ظهر أمس الأول، شبّ حريق صغير في بناية سكنية تم إخلاؤها منذ فترة استعدادا لهدمها وإعادة بنائها. ولذا فإن الحادث لم يسفر عن خسائر مادية أو بشرية، ولكنه كشف بالمقابل عن الصعوبات التي تواجه رجال الدفاع المدني وسيارات الإطفاء في الوصول إلى مواقع الحوادث. ففي حين وصلت سيارات الإطفاء إلى موقع الحريق في دقائق معدودات، فقد استغرق تعاملها مع الموقف وقتا أكبر بسبب وقوف سيارات كثيرة في أماكن ممنوعة. ورغم أن الحادث انتهى بسلام وتمت السيطرة على الموقف بسرعة، فإن الدروس المستفادة من هذه الحوادث الصغيرة لا ينبغي أن تمر مرور الكرام، حيث يلاحظ أن أزمة مواقف السيارات في أبوظبي قد أفرزت ممارسات سلبية عدة أبرزها ما تتعرّض له المناطق التي يحظر الانتظار فيها من انتهاكات من جانب السائقين الذين يتركون سياراتهم من دون مبالاة أو فهم لمبررات منع الانتظار في هذه الأماكن.
إدارة المرور من جانبها أعادت النظر في قيمة بعض المخالفات المرورية مثل الانتظار بجانب "حنفيات" الحرائق، وهي مخالفة وصلت إلى عشرة آلاف درهم. ولكنك كثيرا ما تجد من يغامر ويترك سيارته بجوار هذه "الحنفيات" خصوصا في المناطق البعيدة نسبيا عن عيون رجال الشرطة ودورياتهم المرورية التقليدية. السؤال الآن هو: ماذا يمكن أن يحدث لو أن سيارات الإطفاء فشلت في الوصول إلى مبنى يتعرّض للحريق في اللحظة المناسبة بسبب السيارات الموجودة أمام المبنى وحوله؟ ولماذا لا تضع الجهات المعنية فرضيات كهذه في اعتبارها بحيث يكون انسياب الحركة المرورية حول البنايات المسألة الأهم والأبرز في التخطيط المروري بدلا من ترك السيارات تنتظر على يمين شارع صغير أساسا ويساره وفي منتصفه بحيث لا تترك سوى مسافة تكفي بالكاد لعبور سيارة صغيرة؟ ولماذا لا تصطحب سيارات الإطفاء أحد "الونشات" معها إلى مواقع الحوادث لتسهيل مهمتها وسحب السيارات التي تعترض طريقها لتفادي تفاقم الأزمات؟
ندرك أن العثور على موقف للسيارة بات حلما بعيد المنال في بعض مناطق أبوظبي، ولكن هذا الأمر لا يبرر مطلقا ترك الأمور تسير بقوة الدفع والتفاهم الذاتي بين السائقين، وإلا فإن الدولة هي الخاسر الأكبر فيما لو حدثت -لا قدّر الله- أي أزمة أو حادث طارئ مثل نشوب الحرائق، حيث سيهرب الكل وقتذاك من المسؤولية التي ستقع على كاهل الأجهزة المسؤولة بمفردها، ولذا فعلى هذه الأجهزة أن تتحرك وتطرح شروطها المتعلّقة بأمن المباني والمنشآت. إن نظرة واحدة على طريقة انتظار السيارات في كثير من الشوارع الجانبية للعاصمة يوحي بحجم المشكلة، التي قد تبدو صغيرة في نظر البعض، وعلينا أن نتخذ من الإجراءات الوقائية ما يكفي لتفادي أي أزمات طارئة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية