عبد المجيد الزنداني: محور جدل بين واشنطن وصنعاء


ارتبط اسمه بالبحث في المعجزات القرآنية، وتتهمه وزارة الخزانة الأميركية بدعم الإرهاب...إنه الشيخ عبد المجيد عزيز الزنداني رئيس مجلس الشورى في "التجمع الوطني للإصلاح" الذي لمع اسمه في الآونة الأخيرة كأحد أهم الشخصيات التي تستهدفها الولايات المتحدة في اليمن. الزنداني، الذي خطف الأضواء منتصف ديسمبر الماضي بإعلانه التوصل إلى علاج لـ"الإيدز"، من مواليد منطقة الشعر بمحافظة إب عام 1938، تلقى تعليمه الابتدائي في عدن وأكمل دراسته الاعدادية والثانوية في القاهرة، والتحق بكلية الصيدلة التي تركها في السنة الثانية ليساهم في جهود حماية الثورة اليمنية من خلال تقديمه لبرنامج "الدين والثورة" في إذاعة صنعاء.


 لكن ما سر التخوف الأميركي من هذا الرجل؟ ربما يعود هذا التخوف إلى شعبيته الضخمة التي يتمتع بها على الساحة اليمنية، إذ يمثل القيادة الدينية داخل "التجمع الوطني للإصلاح" الذي يترأسه الشيخ عبدالله الأحمر من أهم القيادات في اليمن. الزنداني لفت الأنظار بقوة في نوفمبر الماضي عندما أيد بياناً أصدره 26 عالماً سعودياً أكدوا فيه "أن مقاومة المحتلين في العراق حق مشروع بل وواجب شرعي".


 وفي فبراير 2004 أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أنها أضافت الزنداني إلى لائحة المشتبه في دعمهم لنشاطات إرهابية، واتهمته بتجنيد مقاتلين في معسكرات تدريب تابعة لتنظيم "القاعدة" وبأنه لعب دوراً رئيسياً في شراء أسلحة لصالح هذا التنظيم. وتطور الأمر بصدور قرار من مجلس الأمن الدولي- بناء على طلب من الولايات المتحدة- في أكتوبر الماضي يقضي بتجميد أرصدته، كما لعب دوراً رئيسياً في مناصرة الشعب الأفغاني ضد الاحتلال السوفييتي، وشارك في تأسيس جماعة "الأخوان المسلمين" في اليمن وتولى قيادتها من عام 1969 إلى 1978 كل هذا ربما يبرر موقف واشنطن تجاه الزنداني.


 لكن الزنداني لم يسلم أيضاً من تهم وجهتها له الحكومة اليمنية ذاتها، وهو ما يمكن وصفه بعملية استباقية لقطع الطريق على تهم أميركية جديدة ضد هذا الرجل. ففي نهاية ديسمبر الماضي اتهمت مصادر في حزب "المؤتمر الشعبي" الحاكم ما أسمته "الجناح العسكري" في جامعة الإيمان" التي يمتلكها الزنداني، بالتحريض على اضطرابات في اليمن. "جامعة الإيمان" التي يمتلكها الزنداني إسلامية التوجه وتدعو إلى التمسك بالكتاب والسنة، و تقوم على مبدأ فصل الطالبات عن الطلاب وتنقل المحاضرات المشتركة عبر دوائر تلفزيونية مغلقة. وتعتمد الجامعة في تمويلها على التبرعات، وهو ما جعلها مصدر قلق للتيارات العلمانية التي تسعى إلى تخويف اليمنيين من التبرع لدعم الجامعة وتجفيف مواردها. وكانت الولايات المتحدة ادعت أن عبدالرازق عايد كامل قاتل الأطباء الأميركيين الثلاثة في مستشفى جبلة نهاية عام 2002 من طلاب "جامعة الإيمان" لكن الجامعة نفت هذا الإدعاء. ارتبط اسم الزنداني بـ"التجمع الوطني للإصلاح" أقوى الأحزاب اليمنية على الإطلاق كونه يمتلك قوة أيديولوجية وفكرية وتنظيمية. الحزب تم تأسيسه في سبتمبر 1990 وهو من أهم أحزاب المعارضة اليمنية، ويُعد امتداداً لحركة الأخوان المسلمين في اليمن. فبعد تدشين الوحدة اليمنية انضم أعضاء الحركة إلى جماعات قبلية ذات وزن سياسي وعسكري واجتماعي مهم ليشكلوا في سبتمبر 1990 "التجمع الوطني للإصلاح" الذي شارك في حكومتين ائتلافيتين بين عامي 1993و1997، ومن مايو 1997 إلى الآن انضم إلى صفوف المعارضة، وحصل في الانتخابات البرلمانية الأخيرة 2003 على 46 مقعداً من مقاعد البرلمان البالغة 301 مقعداً.


في أغسطس 2000 احتدم الجدل بين الزنداني والحكومة اليمنية عندما قام الأول بحملة شعبية لجمع تواقيع على رسالة يطالب فيها الرئيس علي عبدالله صالح بفرض رقابة على المؤسسات الإعلامية ووقف بث مسلسل "العائلة" وهو مسلسل تليفزيوني مصري يتضمن هجوماً على "المسلمين المتشددين". وفي الوقت ذاته قدمت وزارة الاعلام اليمنية شكاوى أمام القضاء اليمني بسبب قيام "الزنداني" باتهام الوزارة والصحفيين بالكفر والزندقة. وفي مطلع يناير الجاري اتهم اعلام حزب "المؤتمر الشعبي" الحاكم بأنه مخترق من قبل الأميركيين، وطالب الرئيس علي عبدالله صالح بالتحقيق في هذا الأمر. غير أن الحكومة اليمنية دافعت عن الزنداني ضد التهم الأميركية الموجهة إليه، وأطلقت عدة تصريحات مفادها أنها لن تسلم "الزنداني" إلى الولايات المتحدة، وصرح رئيس الوزراء اليمني عبدالقادر باجمال في مايو الماضي أن حكومته لن تسلم الزنداني إلى الولايات المتحدة مهما كانت الأدلة التي ستقدمها.


وبصفته داعية اسلاميا ذائع الصيت، حاول الزنداني في مايو2000 ضمن وفد يترأسه الشيخ يوسف القرضاوي إجراء مصالحة بين الرئيس السوداني عمر البشير وخصمه السياسي الشيخ حسن الترابي، لكن المحاولة باءت بالفشل. الحملة الأميركية التي تستهدف الزنداني اضطرته إلى نقد