اختتمت أمس جلسات المؤتمر السنوي العاشر الذي نظمه "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية"، وقد نجح المؤتمر في تحقيق أهداف عدة من أبرزها الإسهام بفاعلية في حركة التغيير والتطوير التي تتنامى إرهاصاتها وتنتشر في مختلف أنحاء العالم العربي، وبالفاعلية ذاتها لعب المؤتمر دوراً بارزاً في توجيه دفة الإعلام العربي لتأخذ بالاعتبار المتغيرات المحيطة بها سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو تكنولوجية، بحيث يدرك الإعلام العربي طبيعة الدور المنوط به في واحدة من المراحل التاريخية الحساسة على الصعيد العربي، انطلاقاً من أن الإعلام يلعب دوراً مهماً ضمن أدوات التغيير والبحث عن موقع للعرب على خريطة القرن الحادي والعشرين.
المؤتمر إذاً ألقى حجراً ضخماً في بحيرة مياه راكدة وكسر دائرة الصمت التي تحيط بواقع الإعلام العربي، ووفر مرآة مجانية للإعلاميين العرب لرؤية واقعهم وسماع أصوات وآراء بعضهم البعض ـ اتفاقاً واختلافاً ـ وأيضاً آراء الآخرين، وهذه النقاشات تعد ظاهرة صحية بحد ذاتها، فالنقد هو بداية التغيير، والنقاشات الموضوعية المنهجية الجادة تدفع باتجاه البحث عن الأفضل والخروج من دائرة الجمود بحثاً عن دور نشط للإعلام العربي، وبحيث تصبح الحريات الإعلامية تراثاً فكرياً جماعياً مطبقاً لا مجرد عبارات تتناقل بين الأوراق وعلى الألسنة.
نجح المؤتمر أيضاً في جمع حشد كبير من الخبراء والمتخصصين، الذين اتفقت آراؤهم حيال بعض الإشكاليات التي يعانيها الإعلام العربي وتحديد بعض هذه الإشكاليات وتشخيصها، حيث اتفقت الآراء تارة فيما تباينت تارة أخرى في حراك فريد أثرى موضوع المؤتمر، ويسهم في تفريخ أفكار جديدة وتحطيم "تابوهات" قديمة.
نجح المؤتمر أيضاً في الخروج من دائرة القوالب النمطية الجامدة التي يتسم بها الكثير من المؤتمرات التي تتناول قضايا الإعلام العربي بالتحليل والتفسير، ونجح أكثر لجهة اختيار المحاور التي تؤطر أوراق العمل المقدمة من المشاركين، وهذا النجاح الذي تشهده المؤتمرات السنوية التي ينظمها "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية" إنما يفرض على المؤسسة تحديات على مستويات عدة، أولها تحدي التميز، فالتميز والنجاح يولدان قدراً هائلا من الضغوط الناجمة عن ضرورة الحفاظ على معدلات النجاح والارتقاء إلى مراتب نجاح أعلى، ناهيك عن أن الحفاظ على المستوى الراهن يحتاج بحد ذاته إلى جهد استثنائي. والتحدي الثاني يتمثل في وجود ما يمكن تسميته بالتنافس الذاتي الذي يدور بين المؤسسة ونفسها، حيث يخوض المركز في كل الفعاليات التي يعقدها صراعاً للتفوق والتميز ليس على الآخرين فحسب ولكن على الذات أيضاً، ففي كل من هذه الفعاليات يحلق المركز دوماً إلى ما وراء توقعات الخبراء والمتخصصين ويكسب مساحات جديدة من التميز والعطاء لمصلحة التنمية والتطوير والتغيير والمعرفة الإنسانية في مختلف المجالات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية