يبدو أن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات قد ترك وراءه إرثاً فلسطينياً ثقيلاً، فلقد ترك "الختيار" الساحة الفلسطينية وهي تموج بالتوترات الداخلية، فالدعوة إلى إصلاح السلطة الفلسطينية لم تتوقف خلال العامين الماضيين، كما أن اتفاق "أوسلو" الذي مكن السلطة الفلسطينية من ممارسة مهامها في الضفة والقطاع ذهب أدراج الرياح بعد أن شهدنا خلال العامين الماضيين سلسلة من الاجتياحات الإسرائيلية وإعادة احتلال المدن والبلدان الفلسطينية، ناهيك عن مسلسل الاغتيالات الذي بدا واضحاً أن شارون لن يتخلى عنه. كل هذا سيضع القيادة الفلسطينية الجديدة في مأزق حقيقي، ذلك لأن تل أبيب تسعى إلى طرح مرجعيات جديدة لحل النزاع من أجل التهرب من تنفيذ القرارات الدولية. هذه القيادة تقف الآن بين مطرقة الضغوط الأميركية- الإسرائيلية المتمثلة في ضرورة وقف العمليات المسلحة ضد إسرائيل والمطالبة بنزع سلاح الفصائل الفلسطينية، وسندان الإصلاح ومحاربة الفساد داخل مؤسسات السلطة الفلسطينية. وكل هذا في ظل رأي عام فلسطيني متمسك بالثوابت وغير مستعد لمنح أي مسؤول فلسطيني تفويضاً بالتنازل عن الحقوق المشروعة في الاستقلال وعودة اللاجئين والقدس عاصمة للدولة الفلسطينية. هذه المطالب الفلسطينية لم ولن تتغير، وعلى القيادة الجديدة أن توضح أنها لن تخرج أبداً على الإجماع الوطني الفلسطيني ولن تتراجع قيد أنملة عن الثوابت الفلسطينية. وعلى الرغم من أن المجتمع الدولي تفاءل كثيراً بإمكانية إحلال السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين استناداً إلى أن محمود عباس يتبنى قناعات تخدم عملية السلام، فإن القيادة الفلسطينية الجديدة عليها أن تثبت للعالم أن إسرائيل هي التي تعرقل مسيرة السلام وأنه من الإجحاف تحميل الفلسطينيين المسؤولية عن تدهور العملية السلمية أو انقطاعها في الآونة الأخيرة.
يوسف عبد المنعم - رأس الخيمة