يلاحظ في السنوات الأخيرة انتشار ظاهرة الجامعات الخاصة في الخليج، حيث سمحت هذه الدول بفتح جامعات خاصة في بلدانها نظراً لازدياد الطلب على التعليم العالي. التساؤل هنا: هل هنالك تنسيق بين دول الخليج حول فتح الجامعات الخاصة؟ وهل هنالك أسس ومعايير محددة يتم على ضوئها فتح هذه الجامعات؟ وهل الجامعات التي تم فتحها تلبي احتياجات سوق العمل من اختصاصات فنية ومهنية يطلبها القطاع العام أو الخاص؟.
لا نعرف ما إذا كانت هذه الدول مهتمة بالجامعات الخاصة وخصوصاً أن المبادرات لفتح الجامعات قام بها القطاع الخاص، لشعور رجال الأعمال في الخليج بأن الجامعات الحكومية لا تلبي الاحتياجات من العمالة المؤهلة أكاديمياً وعلمياً، بل إن خريجي الجامعات الحكومية لا يصلحون إلا موظفي حكومة نظراً لتردي مستواهم الأكاديمي والعلمي وضعف أدائهم في سوق العمل.
نعود إلى الجامعات الخاصة في الخليج لنسأل: هل هذه الجامعات جادة في تقديم أفضل تعليم لطلابنا؟ هل البيئة الاجتماعية في منطقتنا مستعدة لتقبل التعليم المختلف؟ هل الأهالي والمجتمع مستعدون لمساعدة أبنائهم، لكي يحصلوا على أفضل تعليم؟ هذه الجامعات بعضها فروع لجامعات عريقة في الغرب، هل سياسات القبول للطلبة هي نفس الموجود في الغرب؟ بمعنى أن من يريد دخول هذه الجامعات العريقة عليه أن يحصل على درجة امتياز ليتم قبوله في هذه الجامعات. بالتأكيد سياسات القبول في الجامعات الغربية المتواجدة في منطقتنا تختلف، وهنا تكمن المشكلة. فالطلبة الممتازون في الكويت من خريجي الثانوية العامة يتم ابتعاثهم للدراسة في الجامعات الأميركية أو البريطانية أو الجامعات في أوروبا أو كندا. أما الذين درجاتهم عالية فهم يدرسون الطب والهندسة، وذوو المستوى المتوسط العلوم الاجتماعية والإدارية والآداب، أما الطلبة ذوو المؤهلات المقبولة فيدرسون في كلية التربية والشريعة.
إذن من هم الطلبة الذين ينتسبون للجامعات الخاصة في الكويت؟ بعضهم من خريجي الثانوية العامة من المدارس الخاصة الأجنبية والعربية والبعض الآخر من الطلبة الذين لم يحصلوا على المعدل المطلوب لدخول جامعة الكويت. هنالك ضغوط سياسية تمارس مع الحكومة من تيارات الإسلام السياسي لمنع ابتعاث الطلبة للدراسة في الخارج خصوصاً الجامعات الخاصة في الغرب. وقد طلبت هذه الجماعات من الحكومة أن تبعث طلابها للدراسة في الجامعات الخاصة في الكويت مع أن التعليم دون المستوى المطلوب. إذا تركنا موضوع مستوى الطلاب جانباً. ماذا عن متطلبات سوق العمل في الخليج؟ هل الجامعات الخاصة ستلبي احتياجات السوق المحلي من عمالة وطنية مؤهلة؟ الحقيقة أن معظم الجامعات الخاصة تحرص على تقديم التخصصات التي يحتاجها القطاع الخاص ولا تفتح التخصصات المتواجدة في الجامعات الحكومية.
المشكلة الرئيسية لدول الخليج العربية هي ماذا تفعل بخريجي الجامعات الحكومية غير المؤهلين وذوي التعليم الضعيف المعتمد على التلقين والحفظ وعدم الإبداع. هذه الحكومات ملزمة بتوظيف الشباب الخريجين من المواطنين في القطاع العام مما أصبح يشكل عبئاً ثقيلاً، فانتشرت ظاهرة البطالة المقنعة في هذه الدول. لذلك قررت بعض دول الخليج وقف التوظيف في القطاع العام وتشجيع القطاع الخاص على توظيف المواطنين. القطاع الخاص بدوره يشتكي من غلاء معاشات المواطنين وكثرة طلباتهم الاقتصادية والمالية من تقاعد وامتيازات وغيره.
ما هو الحل، ودول الخليج فشلت حتى اليوم في تحديث التعليم العام؟ لذلك من الأفضل لها أن تشجع قيام المدارس الخاصة الجيدة والممتازة على جميع المستويات الابتدائي والمتوسط والثانوي وتستمر في فتح الجامعات الخاصة، شريطة أن تكون هنالك أسس علمية واضحة خاصة بمستوى التعليم.