الاجتماع الثالث لدول الجوار الذي بدأ أعماله أمس في العاصمة الأردنية عمان والذي يسبق الانتخابات العراقية بأيام معدودات, ليس هو الأول لبحث الشأن العراقي وتدخلات دول الجوار في هذا الشأن, ولكنه قد يكون الأهم, فقد سبق هذه الاجتماع لقاء شرم الشيخ في جمهورية مصر العربية لدول الجوار للعراق والذي أكد على مسؤوليات هذه الدول الاخلاقية والأدبية والإنسانية تجاه تعزيز الأمن والاستقرار في هذا البلد ومساعدته على تجاوز هذه المرحلة المهمة, وتلاه اجتماع ثان في العاصمة الإيرانية طهران والاجتماعان أكدا على نفس المضمون, ولكن حتى هذه اللحظة ما زالت الأقوال بعيدة جدا عن الأفعال وعما يحدث في العراق سواء لجهة ما يرتكب من أعمال إرهابية إجرامية لإرهاب العراقيين ومنعهم من المشاركة في العملية السياسية وبالتالي تخريب المشروع السياسي العراقي برمته,أو لجهة ما يجري من تجاذبات سياسية بين بعض التيارات الحزبية السياسية العراقية والتي يعمل بعضها لغاية في نفسه لإفشال الانتخابات وضرب الوحدة الوطنية العراقية, وجميع المؤشرات تؤكد على أن هذه وتلك تحركها أصابع خفية لها مطامح ومطامع وأغراض مشبوهة في العراق.
اجتماع دول الجوار في العاصمة الأردنية قد يكون الأهم لا سيما لجهة الوقت الذي يعقد فيه وانه يسبق الانتخابات بفاصل زمني قصير للغاية فالانتخابات موعدها في الثلاثين من يناير الجاري ,والعراق في هذه المرحلة يحتاج إلى مساندة فعلية من دول الجوار وهذه المساندة لا تكلفها أي شيء بل تخفف عن كاهلها الكثير وهي عدم التدخل في شؤون العراق ,فالانتخابات وما يجري في العراق من حراك سياسي إيجابي هو شأن عراقي مئة في المئة ومن غير المنطق أو المقبول أن تتدخل أي دولة في هذا الشأن ,فاستقرار العراق ومساعدته على الاستمرار في طريقه الصحيح الذي اختاره عن قناعة واقتناع هو من صالح جميع دول الجوار ,وعراق قوي ومتماسك وموحد يصب في النهاية في صالح دول الجوار والمنطقة ,ولا يصح في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها العراق والعراقيون ومعهم المنطقة بكاملها أن تحاول بعض الدول لأغراض شخصية ومصالح آنية أن تتدخل في هذا الشأن أو تحاول أن تصفي حساباتها مع أطراف أخرى عبر العراق لأن عواقب هذا العمل قد تؤدي على المدى القصير إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة وقد تحرق النيران التي يعمل البعض على استمرار اشتعالها أصابعهم.
العراق في هذه المرحلة وبعد ان حدد خياراته يحتاج من دول الجوار ان تدعم خياره في الاستقرار والأمن, وتقديم الدعم له لاجتياز هذه المرحلة والعبور الى مرحلة جديدة تؤهله لنيل حريته وبناء البلد والعيش مثل بقية شعوب الأرض ,مؤتمر عمان رسالة واضحة لا لبس فيها مفادها ارفعوا أيديكم عن العراق واتركوا الشعب العراقي وشأنه.