بعيدا عن الأصوات المتشائمة، والأبواق التي تروج إما بقصد أو بدون قصد، لإبقاء الوضع على ما هو عليه في العراق ، وبعيدا أيضا عن أصحاب النوايا الخبيثة الذين يريدون الزج بالعراق وأهله في أتون المحرقة، وحمامات الدم، ودوامات العنف، فإن ما يجري في العراق اليوم على صعيد الاختلاف على موعد الانتخابات العراقية المقرر عقدها في الثلاثين من يناير الحالي يؤكد على أن العملية السياسية في العراق وصلت إلى مرحلة متقدمة تسمح بالاختلاف، حيث إن التجاذب الحاصل حاليا على موعد الانتخابات بين أعضاء الحكومة العراقية المؤقتة من جهة، وبين الأحزاب، والتيارات السياسية، والفصائل، والأطياف العراقية، يؤكد على أن هناك حراكا سياسيا بدأ ينضج ويشي بأن هذا البلد رغم ما يواجهه من أهوال الإرهاب وجماعاته المأجورة يسير على الطريق الصحيح والخلاص، لفتح صفحة جديدة تبشر بمستقبل واعد. كما يؤكد أيضا هذا الاختلاف حتى بين أعضاء الحكومة العراقية المؤقتة على أن العملية السياسية بدأت تأخذ مداها، وأن غالبية الشعب العراقي تسير في ركب هذه العملية عن قناعة واقتناع بأنها الطريق الذي سوف يوصل العراق إلى بر الأمان، ويحقق للشعب العراقي الاستقرار والأمن والأمان. كما يدل على حرص الحكومة العراقية، والأحزاب، والتيارات السياسية العراقية على ضرورة تأسيس مرحلة جديدة مبنية على أسس متينة يشارك فيها كافة أبناء الشعب العراقي، وهذا في حد ذاته يعتبر انتصارا للإرادة السياسية العراقية على الفكر الإرهابي المتطرف، والجماعات الإرهابية التي لا تريد الخير والفلاح للعراق وأهله، والتي بدأت تنشط خلال هذه المرحلة لتعطيل الانتخابات، وإفشال العملية السياسية العراقية برمتها.
إن المرحلة المقبلة في ظل هذا النضج السياسي تؤكد على أن العراقيين سوف يواجهون المرحلة التي تعقب إجراء الانتخابات سواء أقيمت في موعدها أم تم تأجيلها لبعض الوقت وهم متسلحون بالوحدة الوطنية، والتوافق السياسي، والتعاون لما فيه خير وطنهم ومواطنيهم للانطلاق إلى العملية السياسية الكبرى، والتي تتقدمها كتابة الدستور، والاستفتاء عليه، والتمهيد لانتخابات جديدة تضع العراق على عتبة الحرية والاستقرار والتنمية.