نشرت أمس بعض تفاصيل تقرير أعده أحد البنوك الأجنبية العاملة في الدولة حول تعداد المواطنين من بين سكان دولة الإمارات، وقدرهم التقرير بنحو 20% من إجمالي السكان، أي نحو 791 ألف نسمة في منتصف عام 2003، واعتبر التقرير أنه لا ينافس دولة الإمارات في نسبة الوافدين ضمن السكان سوى دولة قطر. وكان واضحاً أن معدي التقرير لم يجدوا أية قاعدة معلومات إحصائية رسمية يستندون إليها لحصر أعداد المواطنين والوافدين. ولجأ معدو التقرير إلى تعدادات محدودة قامت بها بعض إمارات الدولة، فيما لجؤوا في أحيان أخرى إلى تصاريح الإقامة والتحليل والتوقعات اعتماداً على إحصاءات جرت منتصف التسعينيات. ويبين التقرير أن الإمارات لديها إحدى أكثر التركيبات السكانية ندرة في العالم، بنسبة عالية للغاية من الوافدين ونسبة عالية من الذكور مقابل الإناث. كما أن هناك نسبة عالية من الشباب.
الجهد الإحصائي الذي قام به البنك هو انعكاس حقيقي لأهمية المؤشرات السكانية لدى صانعي السياسات الاقتصادية، وضمن حسابات التطور والتخطيط الاقتصادي المستقبلي سواء للبنوك أو لغيرها من القطاعات الاقتصادية والخدمية في الدولة وفي غيرها من دول العالم. ولذا فنحن نثمن عاليا إنشاء "هيئة الإمارات للهوية" التي ستتولى تنفيذ خطة تسجيل سكان الدولة من مواطنين ومقيمين اعتباراً من منتصف العام الجاري 2005 في عملية تستمر لمدة 3 سنوات وفقاً للبرنامج المعد لذلك، وتسجيل وإصدار "بطاقة الهوية" لجميع السكان بهدف إنشاء "نظام السجل السكاني" وقاعدة بيانات مركزية لسكان الدولة.
وتنبع أهمية هذه الهيئة من كونها ستعالج ثغرة سلبية بالغة التأثير لدينا، وهي غياب أية إحصاءات أو معلومات دقيقة وحديثة في ملف السكان، الذي يرتبط بدوره بصناعة القرار والتخطيط المستقبلي في قطاعات الدولة كافة. كما أن دور الهيئة في هذا الإطار سيعالج القصور المعلوماتي الناجم عن تجميد مشروع التعداد السكاني، بسبب الخلافات المالية حول تقدير كلفة المشروع بين الجهات المعنية بالتنفيذ وتخصيص الميزانية اللازمة له. ولكن المشكلة أن دور هيئة الهوية سيوفر لنا بعد الانتهاء من البرنامج الزمني للمسح السكاني معلومات دقيقة حول السكان. ولكن تبقى جوانب أو ثغرات إحصائية مهمة أخرى تتطلب إيجاد طرق وبدائل لحلها، إذ يفترض أن التعداد "المجمد" كان سيوفر بيانات دقيقة وحديثة حول المنشآت والمباني وتفاصيل أخرى تتعلق بالمسوحات والمؤشرات الديموجرافية منها على سبيل المثال معدلات البطالة. ولذا فإن مهمة التعرف بدقة على واقعنا الإحصائي باتت مسألة ملحة حتى يمكن التأسيس - منهجياً وتخطيطياً- لمرحلة تنموية جديدة. فالأرقام والإحصاءات هي المعطى الاستراتيجي الذي يوفر لدوائر صنع القرار في الدولة قاعدة متينة وركيزة ثابتة عند اتخاذ القرارات ورسم السياسات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية