منذ إرهاب الحادي عشر من سبتمبر والدبلوماسية الأميركية تُجيّش العالم لمحاربة الإرهاب، وبالفعل خاضت الولايات المتحدة حربين في أفغانستان والعراق تحت شعار "الحملة على الإرهاب". صحيح أن لدى واشنطن الحق في الرد على هجمات استهدفت رموزها الاقتصادية والعسكرية، لكن الخطأ كل الخطأ أن يتم اختزال جميع القضايا الدولية في قضية واحدة هي الحرب على الإرهاب. ولننظر إلى كارثة "تسونامي" التي وقعت في جنوب شرق آسيا، المنطقة التي تعتبرها واشنطن موطن تيارات تابعة لتنظيم "القاعدة"، فالعالم بقيادة الولايات المتحدة لم ينتبه لهذه المنطقة إلا بعد تفجيرات بالي عام 2003، بينما تجاهل المجتمع الدولي معدلات الفقر في جنوب شرق آسيا ومدى هشاشة البنى التحتية في هذه المنطقة والصراعات السياسية الكامنة فيها. ومن الواضح أن العالم انتبه في وقت متأخر لهذه المنطقة المفعمة بالتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومن ثم يتعين على المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات وقائية للحيلولة دون تفاقم الأوضاع في العالم النامي، انطلاقاً من مقولة "درهم وقاية خير من قنطار علاج"؛ فالمعونات التي كان يتعين على الغرب تقديمها لدول جنوب شرق آسيا كانت ستقلل حتماً من حجم الأضرار التي نجمت عن كارثة "تسونامي". لقد حان الوقت كي تقود الأمم المتحدة أجندة تنموية واضحة المعالم لتعزيز قدرة البلدان النامية على مواجهة الكوارث، لأنه لم يعد هناك وقت للانتظار، ويجب على المنظمة الدولية أن تثبت أن هناك مشكلات أخرى تفت في عضد الدول النامية، وهي مشكلات لا يمكن اختزالها في مكافحة الإرهاب فقط، بل تمتد لتشمل التنمية بمفهومها الشامل اقتصادياً وسياسياً وتعليمياً.
خالد عبد الحميد - أبوظبي