عزاؤنا، وبكل الأسى، نقدمه للمنكوبين في دول جنوب شرق آسيا، فلقد غضب المحيط الهندي غضبة شرسة أودت بحياة الآلاف في ليلة الخامس والعشرين من ديسمبر 2004 مع نهاية عام ميلادي والناس يستقبلون عاماً جديداً، وكذلك يبقى مجهولون في أعماق المحيط قد لا تصل إليهم يد تنتشلهم ليبقوا جثثاً هامدة لا يعلم مصيرهم إلا من قدّر عليهم هذا الزلزال العنيف الذي خلّف دماراً بعد عمران، وحزناً بعد سرور. جزيرة سومطرة تحركت من مكانها، وظهرت جزر أخرى مقابل إندونيسيا، والدمار الذي نجم عن الكارثة يعادل قوة مئة قنبلة ذرية. إنه أمر هائل وكأنه نذير للعالم المفتون بصنع الأسلحة ليتوقف عن ذلك، فها هو الدمار بيد الله تعالى - الذي لا يُسأل عما يفعل- فكل شيء عنده بقدرته وبحكمته. لكنك أيها الإنسان رسالتك في الكون الإعمار لا الهدم أو التدمير، فهذه الملايين التي تُنفق في الحروب والتسليح آن لها أن توجه إلى المنكوبين هناك في الجنوب الآسيوي الذي يشهد الوضع المأساوي. آلاف القتلى وملايين المشردين والجوعى والعراة هناك يلتمسون من الغرب- "الأسد المغوار"- لقمة عيش أو جرعة ماء، فهل تصيبه النخوة ليقدم المساعدات الإنسانية للمعوزين والمنكوبين؟! ويكون بذلك كل مساهم ومساند مشكور ومأجور.
إنها كارثة تحتاج إلى مختلف المساعدات والمساندات العلمية والاقتصادية والطبية، ويجب أن تتضافر الجهود المخلصة - وهي كثيرة ومتوفرة بإذن الله- لإغاثة المنكوبين، فإلى الآن هناك قصور وتقاعس في المساعدات عالمياً قياساً بحجم الكارثة، وهذا نتيجة طبيعية لأن الكارثة نزلت في وقت العالم فيه مشغول بأمور كثيرة كانشغال البلدان الكبرى بتحقيق أطماعها. إننا لا نتوجه باللوم لمدّ المحيط الهندي ما دام مدّ الحروب مشتعلا بيد الإنسان.
سليمان العايدي - أبوظبي