ازداد الحديث في الفترة الأخيرة، عن وجود خلاف بين مملكة البحرين وشقيقتها المملكة العربية السعودية على خلفية توقيع البحرين لاتفاقية للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأميركية في شهر سبتمبر الماضي. وفي الحقيقة لا يروق لي وصف ما يدور حالياً من مباحثات ومشاورات أخوية وتبادل وتداول في الآراء بين المنامة والرياض بأنه خلاف، وإنما هو اختلاف في الرؤى والتقديرات ووجهات النظر، لم يصل إلى درجة الخلاف بالشكل الذي تصوره وسائل الإعلام. فمملكة البحرين حينما وقعت اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأميركية، كان ذلك من منطلق مبدأ وقاعدة رئيسية تحكم العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي، وهي روح التكامل والتآخي بين قادة وزعماء وشعوب دول المجلس، وأن كل تقدم أو تطور سياسي أو اقتصادي تحققه أي من دول المجلس ويعود بالخير على مواطنيها من المؤكد أن نتائجه الإيجابية وآثاره الاقتصادية سوف تمتد لتشمل مختلف دول المجلس، وهو ما أكد عليه المسؤولون في البحرين مراراً وتكراراً أي أن الاتفاقية ستمتد نتائجها الإيجابية وآثارها الاقتصادية لتشمل مختلف دول مجلس التعاون ولتعم الفائدة والخير جميع مواطني دول المجلس.
أما المملكة العربية السعودية، فإن موقفها أيضاً ينبغي تفسيره في إطار حسن النية، وفي إطار حرصها على وحدة مجلس التعاون وعلى التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، وهو ما يتبين من تأكيدات المسؤولين السعوديين على أن الاعتراض على اتفاق التجارة الحرة بين البحرين والولايات المتحدة ليس نابعاً من أنانية وإنما رغبة من الرياض في حماية مجلس التعاون الخليجي.
ولابد من التأكيد على أن الرؤية السعودية القائمة على ركائز الدين الإسلامي الحنيف والإرث الثقافي العربي والبصيرة السياسية الحكيمة، تؤمن بالتكافل والتضامن بين دول المنطقة وشعوبها، وأن دول مجلس التعاون ينبغي لها أن تكون مجموعة واحدة متآزرة لمواجهة التحديات والتقلبات التي تحيط بالمنطقة.
ومن هنا فإن هذا التباين في وجهات النظر والآراء بين المنامة والرياض، سيتم التوصل إلى توافق حتمي قريب بشأنه لأنه كما أوضحت، سلامة النية متوافرة سواء فيما يتعلق بالخطوة البحرينية بتوقيع اتفاقية التجارة الحرة مع أميركا، أو فيما يتعلق بالموقف السعودي من هذه الاتفاقية، ولن يصل هذا التباين في الآراء بإذن الله إلى درجة الاختلاف ببساطة لأن العلاقات البحرينية السعودية علاقات أخوية حميمية تتصف دائماً بالقوة والعمق على مر السنين، وتستمد ركائزها من جذورها الضاربة في أعماق التاريخ.
محمد حسن نصر الدين - كاتب سياسي مصري مقيم بالبحرين