هناك العديد من الكتب والدراسات التي تناولت موضوع الإرهاب النووي، والتي كانت كلها تقريباً تنتهي بتحذير السلطات الأميركية من احتمال تعرضها لضربة نووية على غرار ما حدث في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001. والسيناريوهات التي تم تخيلها لتلك الضربة تتضمن قيام الإرهابيين باستخدام أسلحة نووية تكتيكية ضد مدينة أميركية كبرى، أو قيام مجموعة منهم بالتسلل إلى داخل منشأة نووية أميركية، وتفجيرها من داخلها بما يؤدي إلى مصرع الآلاف وتشويه الملايين. وبول إل. ويليامز، مؤلف الكتاب الذي نقوم بعرضه في هذه المساحة وعنوانه: انتقام أسامة... : 11 سبتمبر التالي، ما هو الشيء الذي لم تخبرك الحكومة والإعلام عنه؟، والذي عمل في السابق كمستشار لمكتب التحقيقات الفيدرالي "إف. بي.آي" لشؤون الجريمة المنظمة والإرهاب الدولي، والذي عمل بعض الوقت كمخبر صحفي متخصص في التحقيقات، يعتبر من ضمن المؤلفين القلائل الذين يمكن لكتاباتهم حول هذا الموضوع أن تحظى بقدر معقول من المصداقية لدى القراء باعتباره رجلا يكتب حول موضوع تخصص فيه ويعرفه حق المعرفة. وفي هذا الكتاب الكاشف والصادم في نفس الوقت، والذي بني على النتائج التي تم التوصل إليها بواسطة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية والباكستانية والبريطانية حول هذا الموضوع، يقدم لنا المؤلف سيناريو لا يبعد كثيراً عن السيناريو الذي ورد في الكثير من الكتب السابقة التي تناولت هذا الموضوع. هذا السيناريو يقول إن الترسانة الروسية التي أصبح اختراقها سهلا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق، قد تعرضت للعديد من السرقات، وإن تلك السرقات قد اشتملت على أسلحة نووية تكتيكية، وجدت طريقها في نهاية المطاف إلى العديد من التنظيمات الإرهابية في العالم، وعلى رأسها تنظيم "القاعدة" وخلاياه المنتشرة في حالة كمون في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأميركية انتظاراً لصدور الأوامر الخاصة بشن الهجوم الإرهابي التالي على الأراضي الأميركية والذي سيكون نووياً هذه المرة.
ويقوم المؤلف بتقديم بعض الأدلة التي يحاول من خلالها إثبات أن الفوضى الشاملة التي سادت عقب سقوط الاتحاد السوفيتي السابق، قد أتاحت للمافيا الشيشانية الفرصة لوضع يدها على الكثير من الأسلحة النووية الروسية التكتيكية المحمولة، والمواد النووية التي يمكن استخدامها في تصنيع أسلحة نووية محدودة بقوة 10 كيلو طن... وأن أعضاء تلك المافيا تمكنوا وتحديداً خلال السنوات 1996-2001، من رشوة بعض المسؤولين والعلماء في الترسانة النووية الروسية والحصول على 20 "حقيبة قنابل" نووية قاموا ببيعها لبعض عملاء أسامة بن لادن زعيم تنظيم "القاعدة" مقابل شحنات من الهيرويين. ووفقاً لما يقوله ويليامز، فإن هناك مصادر موثوقاً بها تؤكد أن تلك الحقائب المحتوية على قنابل نووية، قد أصبحت موجودة في حوزة خلايا تابعة لتنظيم "القاعدة" تتواجد في نيويورك، وواشنطن، وميامي، وشيكاغو، ولاس فيجاس، وهيوستن، ولوس أنجلوس.
ويقول المؤلف أيضا إن تلك المصادر تؤكد أن أسامه بن لادن قد قام بتجنيد بعض العلماء والفنيين السوفييت السابقين لصيانة تلك الأسلحة، وإعادة شحن محتوياتها النووية بحيث تكون صالحة للاستخدام بمجرد قيامه بإصدار أمر بذلك. ويذكر المؤلف القراء في هذا السياق بأن بن لادن قد قام عام 2001 بالإدلاء بتصريح هدد فيه بالقيام بشن هجوم سيكون بمثابة "هيروشيما نووية" على أميركا.
ويحتوي الكتاب أيضاً على نص رسالة ابن لادن المعنونة "رسالة إلى أميركا" والتي أعلن فيها " الحرب على أميركا التي تحتل الأرض التي توجد فيها مقدسات الإسلام". كما يضم الكتاب أيضا "البيان الإسلامي العالمي" الذي يعلن التنظيم فيه "الجهاد ضد اليهود والصليبيين". ويؤكد المؤلف أن هدفه من إيراد تلك البيانات فائقة الأهمية في الكتاب، هو إبراز الأسباب والخلفيات التي جعلت بن لادن يحمل هذا الكم الهائل من الكراهية لأميركا، وإثبات أن بن لادن يمتلك شبكة من العملاء الإرهابيين المزروعين في كل مكان في العالم، والجاهزين لتنفيذ تهديداته لأميركا.
ويقول المؤلف إنه على الرغم من قيام بعض وسائل الإعلام بإيراد بعض الروايات والتقارير الأخبارية، التي أشارت إلى أن أميركا معرضة لخطر وقوع هجوم نووي على أراضيها، وعلى الرغم من أن بعض المصادر في الحكومة الأميركية قد أقرت بوجود مثل هذا الاحتمال، إلا أن تلك الروايات والتقارير لم يتم أبداً تجميعها في سياق متماسك يمكن الخروج منه بتصور محدد. ويقدم المؤلف العديد من الأدلة التي تبدو مقنعة، والتي يحاول من خلالها إثبات أن أسامة بن لادن ومساعديه، يمتلكون الوسائل التي تمكنهم من شن ذلك الهجوم، ولكنهم ينتظرون الفرصة المناسبة للهجوم على أميركا، أو كما يسمونها "الشيطان الأعظم".
وينحي المؤلف باللائمة على إدارتي بيل كلينتون وجورج بوش لإخفاقهما في القبض على أسامه بن لادن، على الرغم من الإمكانيات الهائلة المتوافرة لهما في مجال التقنية المتقدمة، وأذرعهما الاستخبارية الطويلة الممتدة