أيها المعلم الكبير...
غداً يوم جديد وعام آخر من أعوام الاتحاد الثلاثة والثلاثون التي بنيتها بساعديك ووضعت أساسها بإيمانك بهذا الاتحاد، فيوم غد الثاني من ديسمبر ذكرى قيام اتحاد الإمارات العربية المتحدة هذه الدولة التي كانت قبل ثلاثة وثلاثين عاماً حلماً جميلا في مخيلتك ومخيلة إخوانك حكام الإمارات السبع... واليوم أصبح الحلم واقعاً بل حقيقة جميلة راسخة وفي هذا العيد الثالث والثلاثين لا ينقصنا شيء غير وجودك بيننا... أيها القائد العظيم... في كل عام احتفلنا فيه بهذه الذكرى كان احتفالنا وفرحنا بباني هذا الاتحاد، فالرجال هم الذين يصنعون الأحداث الجميلة وبهم تكبر الإنجازات الصغيرة وبرعايتهم تنضج الأفكار... فرحمك الله يا الشيخ زايد ونحن نفتقدك اليوم كثيراً ونفتقد توجيهاتك وكلماتك التي كانت تجعل هذه المناسبة عيداً حقيقياً ينتظره الجميع...
يوم فراقك يا الشيخ زايد حزنت مدينتنا وبكت أشجار أبوظبي وصار رجالها أيتاماً... وملأ لحن البكاء أطراف مدينتك ولم يكن أفضل من الصمت لغة للكلام... ولم يخفف عنا ذلك المصاب إلا أننا في ذلك اليوم تذكرنا أن خليفة بن زايد ما زال بيننا وما يزال محمد بن زايد وإخوانهما معنا وهذا ما خفف عن الجميع ألم الفراق... وما خفف عنا أننا أدركنا حجم المسؤولية الملقاة على عاتق كل مواطن منا لمواصلة العمل وأدركنا أنه ليس أمامنا اليوم إلا السير على الطريق الذي رسمته لنا مسترشدين بكلماتك ونصائحك التي تعلمنا منها الكثير وأبهرت العالم.
على قبرك يا سيدي تجول في القلب المشاعر ويمر شريط الذكريات بطيئاً... هناك حيث يتوقف الزمن ويصير باطن الأرض خيراً من ظاهرها... وأينما تكون وحيثما تحل تصبح الأرض خضراء طيبة معطاء وتصير أخلاق الناس فيها كريمة... وعلى قبرك أيقن أننا تراب نسير على التراب وأنك نور من نور في جنات الخلد.
على قبرك أيها المعلم أتذكر كم كان عيد الفطر الماضي حزيناً وكئيباً وثقيلا، لم يكن عيداً على الرغم من أننا حاولنا أن نحتفل به وحاولنا أن نفرح أنفسنا... وها نحن يمر علينا العيد الثالث والثلاثون لقيام الاتحاد وأنت لست بيننا، فأي عيد بعد فراق صاحب العيد.
لكننا نعدك بأن نكون كما كنا في حال وجودك بيننا لأننا نؤمن بأن راحتك ليست في بكائنا وحزننا... فقد كان للبكاء وقت بكاك فيه الرجال الذين لا تهزهم أشد الشدائد... أما الحزن فلا شيء يخرجه من القلب ولا شيء يحوله إلى فرح، فكلما مرت ذكراك أو رأينا صورتك يداهمنا الحزن ولا نملك إلا كلمة واحدة نرددها كثيرا... (رحمك الله يا الشيخ زايد وأدخلك فسيح جناته).
لا نملك أن لا نحزن ولكننا نملك أن نواصل العمل والبناء ونحن نعرف أن الشيء الذي يسعد الشيخ زايد في حياته وفي وفاته هو أن يتواصل ما بناه وما صنعه من أجل الإمارات وأن نحافظ جميعاً على الاتحاد بجهدنا ووقتنا وعملنا وتفكيرنا. فهذا العمل العربي الكبير بحاجة إلى رجال يواصلونه ويحمونه ويحافظون عليه... ونحن نعاهدك على ذلك يا زايد الخير يا من علمتنا العطاء والعمل... وبوجود صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" وأخيه الفريق سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي سنستطيع مواصلة البناء والعمل. وهذا ما يتعهد به كل مواطن أحب زايد وأحب هذا الوطن.
بالنسبة لكل مواطن عاش في ظل الشيخ زايد كان رحمه الله أباً ومعلماً تربينا على يديه... فأيها المعلم الصادق لقد تعلمنا منك كيف أن التواضع يرفع الإنسان... وتعلمنا كيف أن العلم يرفع الأمم... وتعلمنا منك أن العمل يقوي الإنسان فعملنا ليبقى الوطن كما أردته. لقد علمتنا أن المال ليس كل شيء وأن هذا المال وجد لإسعاد الجميع. علمتنا أن المواطن ليس بشكله ولونه ولا أصله ولا فصله وإنما بعمله يكبر ويستحق الاحترام... علمتنا كيف يكون العطاء للجميع وعلمتنا الكرامة وعلمتنا كيف يتعامل الحاكم مع المحكوم فيرحم الناس ويعدل بينهم. وعلمتنا أن كل شيء يمكن أن يتحقق إذا ما توفرت الإرادة وتبعها العمل الصادق. علمتنا الكثير الكثير، لذا فكنت المعلم الكبير في زمن اختفى فيه المعلمون واختفى فيه الكبار. لقد تعلمنا منك الكثير وبرحيلك عرفنا وشعرنا بأننا خسرنا المعلم الكبير. تعلمنا منك أن العمل الصالح لا يضيع ويقدره الجميع حتى بعد وفاة الإنسان.
أيها المعلم الكبير... لقد أحببت شعبك فأحبك العالم... لقد أعطيتهم، فلم يكن أمامهم إلا أن يحبوك وإلى الأبد. إنها مشاعر كل مواطن... الكل يقول نفتقدك يا زايد الخير وعزاؤنا في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" الذي بدأ يمارس دوره بثقة واقتدار وبإصرار على السير على درب زايد وبفكر زايد.
يجب أن ندرك بينما تمر علينا ذكرى الاتحاد أن هناك رجلا عظيماً كان وراء الأعوام الثلاثة والثلاثين التي مرت من عمر الاتحاد ولولا قيادته الحكيمة لما وصلت الإمارات إلى ما هي عليه اليوم... وفي كتاب (بقوة الاتحاد...) الذي صدر مؤخراً عن مركز الإمارات للدراسات والبح