أحداث العنف التي شهدتها هولندا مطلع الشهر الجاري تؤكد على أن ثمة خللاً في عملية الاندماج أو بالأحرى التكامل القومي بين الجالية المسلمة والمجتمع الهولندي. غير أن العناصر المتطرفة سواء من الهولنديين أو من الجالية المسلمة تتحمل المسؤولية عن هذه الأحداث، لأن صوت المتطرفين بات الأعلى هذه الأيام، ما يهدد استقرار الجاليات الإسلامية في البلدان الأوروبية. أوروبا يجب أن تعيد إنتاج التجربة الأميركية في دمج الأقليات وصهرها في وطن كبير تتماهى فيه الحدود الثقافية والعرقية والدينية، فالولايات المتحدة تضم جاليات من شتى بقاع الأرض لكن لم نشهد خلال السنوات القليلة الماضية أحداث عنف ضخمة نشبت بين السلطات الأميركية وهذه الجاليات، والسبب يكمن في العقلية الأميركية التي نجحت في استيعاب الأقليات وحماية حقوقها وضمان حريتها ما دامت هذه الأقليات لا تهدد الأمن القومي الأميركي أو تضر باستقرار المجتمع الأميركي.
ومن الواضح أن الطريق أمام أوروبا طويل كي تنجح في استيعاب الأقليات الموجودة لديها، وخاصة أن بعض الدول الأوروبية لديها أحزاب "يمينية" متشددة تنظر إلى الأقليات - ومنها الإسلامية- كخطر يهدد الهوية الثقافية الأوروبية.
البلدان الأوروبية مسؤولة عن توفير بيئة قانونية ومؤسسية تسمح بدمج الأقليات في المجتمع الأوروبي، وعلى الجالية الإسلامية ألا تعزل نفسها عن المجتمع الأوروبي، بل يجب عليها أن تتفاعل بشكل إيجابي مع هذا المجتمع، وأن توضح للأوروبيين أن الإسلام دين الوسطية السمحة.
عبدالوهاب محسن - دبي